دراسة جديدة: الفيسبوك يتراجع والمدونات الصوتية تتقدم ولا لانتقاد الحكومات
إرتفاع نسبة القلق من مراقبة الحكومة للنشاط الالكتروني في لبنان من 32% ل 44%. بين 2013 و2018
يزداد عدد المؤيدين لحرية التعبير على شبكة الإنترنت في المنطقة العربية، لكن العدد يتراجع عندما يتعلق الموضوع بحرية انتقاد الحكومات بحسب دراسة أكاديمية حديثة حول استخدام وسائل الإعلام في الشرق الأوسط.
إذ يؤيد أكثر من 50 في المئة من القطريين والسعوديين والإماراتيين واللبنانيين والتونسيين حرية التعبير على شبكة الإنترنت، لكن النسبة تتراجع لأقل من النصف في الإمارات وقطر وتونس في حال كان ذلك يعني انتقاد سياسات الحكومات. أما في مصر والأردن فلم يسمح المسؤولين في هذه الدول أصلا بتوجيه هذه الأسئلة للمستطلعين.
يثير تناقض إجابات المستطلعين تساؤلات حول ما تعنيه حرية التعبير في المنطقة العربية.
قال جاد ملكي، رئيس قسم الإعلام ومدير معهد البحوث والتدريب الاعلامي بالجامعة الاميركية اللبنانية ببيروت، “يرجع ذلك إلى عدم فهم ما تعنيه حريات الصحافة وحرية التعبير وعادة ما يرتبط بضعف قدرات التفكير الناقد ومهارات (التربية الاعلامية).” موضحاً أنه عندما يدعم شخص ما حرية التعبير طالما لاتثير جدلاً ولا تتعارض مع المعتقدات والأيديولوجيات السائدة، فإن “حرية التعبير المزعومة هذه تدعم ببساطة الهيمنة القائمة من خلال الصمت.”
الخوف من المراقبة
أجرت الدراسة جامعة نورثويسترن في قطر، وهي دراسة تتم بصورة دورية سنوياً. قال جوستين مارتن، أستاذ الصحافة المشارك بجامعة نورثويسترن والباحث الرئيس في الدراسة “تمر المنطقة بأحداث وتغيرات كبيرة، وتركيبة وسائل الاعلام تتغير وبالتالي تتغير طريقة استخدام الناس لها،” مضيفاً أنه “من المهم في هذا الوقت أن نتعرف على كيفية استخدام الناس لوسائل الاعلام، وأرائهم في هذه الوسائل ومدى ثقتهم بها.”
تتناول الدراسة التغيّرات التي طرأت على أنماط متابعة المواطنين لوسائل الإعلام واستخدامهم لها ويرصد اتجاهاتهم حيالها ومحتواهم الإعلامي المفضل خلال عام 2018، حيث قامت باستطلاع رأي 7635 شخصاً، بنسبة 52 في المئة ذكور و48 للإناث، في مصر والأردن ولبنان وقطر وتونس والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عام 2018 عبر مقابلات شخصية في جميع البلدان وجهًا لوجه باستثناء قطر التي جرى الاعتماد فيها على الهاتف.
تكشف الدراسة عن ارتفاع نسبة مستخدمي شبكة VPN، الشبكة الخاصة الافتراضية والتي تستخدم لفك حجب المواقع الإلكترونية، بين مستخدمي الإنترنت في الدول السبعة المشاركة في الدراسة والتي تشمل: مصر والأردن ولبنان وقطر وتونس والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. فعلى سبيل المثال، ارتفعت النسبة في قطر من 6 في المئة في عام 2016 إلى 39 في المئة في عام 2018، وفي المملكة العربية السعودية من 7 في المئة في عام 2016 إلى 54 في المئة في 2018. بينما استقرت النسبة في مصر ولبنان والأردن وتونس عند 10 في المئة أو أقل.
بالطبع، هناك اختلافات بين الدول عندما يتعلق الأمر بمراقبة النشاط الإلكتروني. إذ ترتفع نسبة السعوديين والإماراتيين من مستخدمي الإنترنت الذين يبدون قلقهم بشأن مراقبة نشاطهم الإلكتروني سواء من قبل شركات (62 في المئة و 61 في المئة) أو الحكومة (58 في المئة و47 في المئة) مقابل 16 في المئة فقط من مستخدمي الإنترنت من القطريين يبدون قلقهم بشأن مراقبة الشركات أو الحكومة لنشاطهم الإلكتروني.
من جهة أخرى، تظهر الدراسة تراجعا ملحوظا في ثقة المواطنين بوسائل الاعلام المحلية التقليدية. إذ انخفضت ثقة الأردنيين والتونسيين في إعلامهم خلال عام 2018 (42 في المئة و39 في المئة على التوالي). في المقابل، ازدادت نسبة المواطنين العرب الذين يشاهدون التلفاز عبر الإنترنت مقارنة بعام 2016، حيث سجلت السعودية أكبر نسبة من المشاهدة الإلكترونية (51 في المئة).
تراجع في استخدام الفيسبوك وتويتر
تظهر الدراسة استمرار انخفاض نسبة مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك من المواطنين في جميع البلدان. ففي عام 2013، استخدم 88 في المئة أو أكثر من مواطني الدول العربية السبع موقع فيسبوك. وفي عام 2018، أفادت ثلاث دول انخفاض استخدام فيسبوك لأقل من 50 في المئة، وتصل النسبة إلى 9 في المئة فقط في قطر، وهي أقل نسبة معلن عنها في البلدان مرتفعة الدخل، بالإضافة إلى انخفاض استخدام تويتر في الدول العربية بشكل كبير.
من جهة أخرى، ارتفعت نسبة المواطنين الذين يشاهدون الأفلام في السينما منذ عام 2014 في العديد من البلدان كالإمارات وقطر وتونس والمملكة العربية السعودية، التي لم يكن فيها دور للسينما حتى شهرنيسان/ أبريل 2018. إذ قال 42 في المئة من السعوديين أنهم شاهدوا فيلمًا مؤخرًا في السينما. كما بات شائعاً الاستماع للمدونات الصوتية بين المواطنين العرب، حيث تستمتع الغالبية العظمى من السعوديين والإماراتيين إلى مدونات صوتية (68 في المئة و64 في المئة على التوالي) مقارنة بـ 30 في المئة من القطريين والتونسيين.
يعتقد مارتن بأهمية الدراسة لكونها “توفر رؤية غير متحيزة لكيفية استخدام الناس لوسائل التواصل الاجتماعي كما توفر المعلومات للشركات وأصحاب الوسائل الإعلامية بالمنطقة – لفهم احتياجات الجمهور وبالتالي يمكنهم تحسين كيفية التواصل مع مواطني المنطقة.”
يتفق عدد من الخبراء والأكاديمين المتخصصون في مجال الإعلام مع مارتن حول أهمية هذا النوع من الدراسات.
قال صابر حارص، أستاذ الصحافة ورئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج جنوب مصر، ” إن نتائج الدراسة تعتبر مؤشرات فعلية لقياس واقع استخدام العرب لوسائل الإعلام، وتتسق نتائجها مع النتائج المحلية للدراسات العلمية في كل بلد على حدى، خاصة فيما يتعلق بتراجع معدل الثقة وتزايد نسبة الأخبار الكاذبة.”
بدوره، يعتقد ملكي أن قيمة الدراسة تكمن في كونها ” تحدث بصورة دورية مما يتيح فرصة تتبع ومقارنة التغيير والاتجاهات مع مرور الوقت.”
لكنه يعتقد أيضاً أن الدراسة لا تزال وصفية وتتجنب إلى حد كبير بعض أكثر الموضوعات إلحاحًا مثل “العلاقة بين الانقسام السياسي واستخدامات وسائل الإعلام، والاختلافات بين الجنسين في العادات الإعلامية،” على حد قوله.
يؤكد مارتن على تطوير وتحديث أسئلة الدراسة بصورة سنوية لقياس حجم التغير بصورة أفضل. قال “العام القادم ستكون هناك أسئلة عن كيفية تعامل الناس مع المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وعن التكنولوجيا التي يمكنك ارتداؤها او استخدامها في المنزل مثل اليكسا او جوجل هوم على حسب التغير في استخدام الناس لهذه الوسائل.”
طارق عبدالجليل
2019-05-29
المصدر: مركز وصول لحقوق الإنسان - Access Center For Human Rights