كيف يؤثر النوع الاجتماعي على الأداء في مكان العمل؟
منذ عدة عقود، ناضلت النساء من أجل المساواة في مكان العمل. يُطلب من الرجال أن يفكروا وكأنهم امرأة ويطلب من النساء أن يتصرفن كرجل. لكن تلك النصائح تميل إلى تعزيز الصفات النمطية مثل التعاطف مع النساء والعدوانية لدى الرجال. وفي حين أن هذه الصور النمطية غالباً ما تكون مبالغاً فيها، إلا أن الأبحاث تُظهِر أن الخصائص الجنسانية موجودة وتلعب دوراً مؤثراً في مكان العمل.
على الرغم من دخول مزيد من النساء إلى القوى العاملة، فإنهن لم يصبحن ذكوراً مستنسخات. في الواقع، يمكن للرجال والنساء أن يكونوا مختلفين في العالم المهني كما هم في حياتهم الشخصية، والأمر الذي بدأ المسؤولون التنفيذيون فهمه للتو هو أن هذه الاختلافات يمكن أن تكون رائعة للأعمال.
“عادة ما يكون الرجال قادرين على حل المشكلات من خلال النظر إلى الأجزاء المكونة لها وحلها”، كما تقول كيث ميرون، من أشهر المشاركات في شركة باربرا أنيس وشركاه، وهي شركة استشارية متخصصة في النوع الاجتماعي. “غالباً ما ترى النساء المشكلة بشكل كلي ويمكنهن التوصل إلى فهم لتلك المشكلة دون الحاجة إلى معرفة الأجزاء المكونه لها. لذلك عندما يتعلق الأمر بحل المشكلات – خاصة في مجال الأعمال – فإنك تحتاج إلى توازن بين كلا المنظورين”.
معركة بين الجنسين
على الرغم من أن معظم الخبراء يتفقون على أن التوازن بين الجنسين في مكان العمل مثالي، إلا أن الدراسات تظهر أن النساء يملن إلى التفوق في بعض المجالات ويتفوق الرجال في مجالات أخرى. وتقترن ثقافة الأعمال اليوم في كثير من الأحيان بسمات ذكورية بالنجاح (لا تزال النساء تحصل على 81 في المائة مما يفعله نظرائهن من الذكور، وفقا لبيانات وزارة العمل لعام 2010)، فيما يلي بعض نقاط القوة لكل جنس في مكان العمل:
النساء
وجدت دراسة أجريت عام 2005 حول التحيز ضد المرأة من قبل مجموعة الأبحاث في جامعة نيويورك “كاتاليست” أن النساء القياديات عادة ما يُنظر إليهن على أنهن أكثر مساندة ومكافأة، في حين يتم الحكم على الرجال بشكل أفضل في السلوكيات مثل التفويض والإدارة. في دراسة أخرى عام 2005 من قبل شركة كاليبر، وهي شركة استشارية للخدمات المهنية، أظهرت النساء مستويات أعلى من التعاطف ومهارات بناء الفريق.
وقد سجلت النساء القياديات نسباً أعلى بكثير من القادة الذكور في الإقناع والجزم، وفقا لدراسة كاليبر، وكن قادرات على “قراءة المواقف بدقة والوصول إلى المعلومات من جميع الجهات، وهذا الاستعداد لرؤية جميع جوانب الموقف عزز قدرتها على الإقناع”. كما وجدت دراسة دولية أجرتها “أكسنتشر” عام 2009 أن 70٪ من سيدات الأعمال طلبن من رؤساءهن تحديات جديدة في العمل، مقارنة بأقل من نصف رجال الأعمال الذين شملهم الاستطلاع.
ومع سعي النساء لمزيد من العمل، فمن المرجح أن يعملن لساعات أطول من نظرائهن من الرجال. فقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها موقع للتوظيف أن 54 في المائة من النساء يعملن 9 إلى 11 ساعة في اليوم مقارنة بـ 41 في المائة من الرجال. كما أعربت النساء أكثر من الرجال عن استعدادهن للقيام ببعض الأعمال في الإجازة.
الرجال
إنهم من أوائل مستخدمي التكنولوجيا، فقد وجدت دراسة “أكسينتشر” أن الرجال كانوا أكثر ميلاً إلى تبني التكنولوجيا في وقت مبكر، وإلى الاعتماد على التكنولوجيا أكثر من نظرائهم من الإناث، كما يظهر الرجال نقاط قوة في التفاوض. في عام 2003، بحثت دراسة أجريت على طلاب متخرجين من جامعة كارنيجي ميلون مع شهادات الماجستير، ووجدوا أن الطلاب الذكور حصلوا على رواتب أعلى بنسبة 7,6 بالمائة من نظرائهم الإناث، وذلك بفضل التفاوض، حيث تفاوض أكثر من نصف الطلاب الذكور على رواتب أعلى، في حين أن 7 في المائة فقط من الطالبات فعلن ذلك. وأظهر بحث آخر أجرته “أكسنتشر” أن 45 في المائة فقط من النساء على استعداد لطلب زيادة، مقارنة بنسبة 61 في المائة من الرجال.
يكتب تشارلز كرافر، أستاذ القانون بجامعة جورج واشنطن، في مقال بعنوان “تأثير النوع الاجتماعي على التفاعلات التفاوضية”، قائلاً: “يميل الذكور إلى التعبير عن الثقة أكثر من النساء في البيئات الخاصة بالأداء”، وذلك استناداً إلى تجارب في فصله الدراسي. “حتى عند حصولهم على الحد الأدنى، يعتقد الرجال أنهم يستطيعون التفاوض، وأن ينجحوا في ذلك. من ناحية أخرى، بغض النظر عن مدى استعداد النساء بشكل كامل، فإنها تميل إلى الشعور بعدم الاستعداد”.
كما أن الرجال يكوّنون أصدقاء في مناصب عالية، وهم يسجلون ترقيات أكثر من النساء، ويمكن تفسير ذلك بسبب الاختلاط في المكتب. من بين المشاركين في استطلاع عام 2008، حصل 72٪ من الرجال على ترقيات بحلول عام 2010 مقارنة بـ65٪ من النساء. وفقا لورقة “هارفارد بيزنس ريفيو”.
لماذا لا يزال الرجال يحصلون على الترقيات أكثر من النساء؟ لأن الرجال هم أكثر عرضة لتعيينهم في مراكز عالية نتيجة علاقتهم بكبار المديرين التنفيذيين، في حين أن النساء أكثر عرضة لبقائهن في المستوى الأدنى. هذا الاختلاف سببه مسألة التواصل، فقد وجد الباحثان في علم الاجتماع ليزا توريس ومات ل. هوفمان في دراسة عام 2002 أن الرجال والنساء يبنون شبكات اجتماعية تتألف من أشخاص من نفس الجنس. وبما أن الإدارة العليا لا تزال يهيمن عليها الرجال، فإن هذا يضع الرجال في وضع أفضل للحصول على الترقيات من النساء.
وعلى الرغم من الاختلافات في الأبحاث، فإن الصفات المهنية للرجال والنساء ليست ثابتة بالأسود والأبيض. في الواقع، وجد البحث الذي أجرته مدرسة الأعمال في جامعة ستانفورد في العام الماضي أن النساء اللواتي أظهرن “سمات ذكورية” مثل العدوانية والثقة وقدرة على مراقبة سلوكهن، حصلن على 1,5 ترقيات أكثر من الرجال الذين أظهروا صفات مشابهة. تشير هذه النتائج إلى أن التنوع بين الجنسين ليس لعبة أرقام، إنها تتعلق بالقدرة على فهم نقاط القوة المختلفة التي يجلبها الأفراد إلى طاولة غرفة الاجتماعات.
“ليس من الضروري أن يكون هناك فريق مؤلف من 50 في المئة من النساء و 50 في المئة من الرجال من أجل أن يكون متوازناً،” يقول ميرون. “لكن الدرجة التي يتم بها تمثيل الصفات الذكورية والمؤنثة واستخدامها بشكل جيد هي جوهر التوازن”.
خاص “شبكة المرأة السورية”
ترجمة وإعداد: مي عادل
المصدر:
http://www.thefiscaltimes.com/Articles/2012/05/25/How-Men-and-Women-Differ-in-the-Workplace#rIiZc7qZOJaYS8kf.99