المعرض الدولي للزراعة في باريس
"رجال ونساء وكفاءات" هذا هو شعار الدورة الـ56 للمعرض الدولي للزراعة التي انطلقت في العاصمة الفرنسية من 23 فبراير/شباط إلى 3 مارس/آذار. وتشارك ثلاث دول مغاربية في المعرض، هي تونس والجزائر والمغرب. تسعى كل منها لإبراز منتجاتها المحلية ومهاراتها في قطاع الزراعة والصناعات الغذائية. فما الذي يميز كل دولة على الرغم من التشابهات؟ وما التداعيات الاقتصادية التي ترجوها هذه الدول من مشاركتها في المعرض؟
تشهد الدورة الـ56 من المعرض الدولي للزراعة بباريس المقامة من 23 فبراير/شباط إلى 3 مارس/آذار، مشاركة مغاربية ممثلة بالجزائر وتونس والمغرب. تتشابه منتجات هذه البلدان بحكم الجغرافيا والمناخ وتتشابه تطلعاتها لتنمية الصادرات إلى الخارج، لكن أولوياتها مختلفة. ففيما تخطط الجزائر لتنويع مصادر عائداتها الاقتصادية، تعمل تونس على إدراج التكنولوجيات الحديثة والرقميات في أساليب الزراعة، واستقطاب الشباب المتعلم لهذا القطاع الحيوي. أما المغرب فيراهن على زيادة إدماج المرأة القروية في سلاسل الإنتاج وتحسين دخل صغار المزارعين ضمن مخطط "المغرب الأخضر".
صادرات زراعية لتنويع الاقتصاد في الجزائر
يشارك في الرواق الجزائري 20 عارضا من القطاع الخاص جلبوا منتجات حاصلة على شهادات الجودة وحتى على جوائز وطنية ودولية.
المعروضات بين زيت الزيتون والخضراوات والحمضيات والتمور والزيوت الأساسية وأنواع الكسكس المحلي، المصنوع من قمح وشعير وذرة، والتين ومشتقاته والمكسرات وبذور فاكهة الصبار التي يصنع منها الزيت والخل وحتى الدقيق. وتحول أيضا إلى مستحضرات تجميل.
العارضون، وهم مصدرون، تحدثوا عن توجه وزارة الفلاحة الجزائرية نحو تشجيع المنتجات المحلية لكل منطقة.
تقول عارضة لنوع من زيت منطقة القبائل تشارك لأول مرة في هذا المعرض، أمينة كروشي، "نحرص على جودة زيتنا لا نترك الزيتون يلمس الأرض حرصا على تخفيف معدل حموضته. ومنتجنا خال من المواد الحافظة والملونات والمنكهات". وحسب العارض محمد محمودي من تيزي وزو، فإن ما يميز زيوت هذه المنطقة هو استخلاصها من زيتون أسود غير موجود في أوروبا يدعى "شملال" الذي "تشبع بحرارة الشمس ونحن نقطفه ونعصره بطرق تقليدية، ما يكسب الزيت طعما عذبا".
وقد أكد مسؤولون في غرفة التجارة، الممثلة في المعرض، أن فرنسا "تشترط ألا يتجاوز معدل الحموضة 13%".
العارض والمصدر نور الدين رحمون، منتج التمور من نوع "دقلة نور" بطريقة خالية من الكيميائيات فيقول "نحول التمور إلى دبس ومربى وشراب وكذلك الى دقيق صالح لصنع الحلويات يغني عن استخدام السكر الأبيض [...] وتلقى منتجاتنا إقبالا في أوروبا".
وتسعى الجزائر إلى تنويع اقتصادها القائم حتى الآن على عائدات البترول والغاز وقطاع الخدمات، إذ يقول سعيد جلاب، وزير التجارة الجزائري "2019 ستكون سنة لتعزيز الصادرات خارج قطاع المحروقات"، حسب مجلة "تبادلات" للشركة الوطنية الجزائرية للمعارض والتصدير (Safex) التابع لوزارة التجارة في عدد يناير/كانون الثاني 2019.
وتستفيد الصادرات الزراعية من دعم وزارة الفلاحة الجزائرية بتمويل المصدرين لتكثيف مشاركتهم في التظاهرات الدولية، عبر الصندوق الخاص لترقية الصادرات، ويتراوح التمويل بين 50% و100% من تكلفة المشاركة.
ولقد أكد جميع العارضين على استفادتهم من إبراز منتجاتهم دوليا وعلى أملهم في الاستفادة من تسهيلات أكثر للتصدير.
الزراعة التونسية: شباب وتكنولوجيات حديثة وجوائز
ما يلفت النظر في الرواق التونسي هو حضور الشباب والنساء، منهم من درسوا في أوروبا ويعملون في الزراعة باستخدام التكنولوجيات الحديثة والرقميات.
يتحدث عبد المؤمن التوكبري، المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية عن "منتجين شباب ذوي شهادات عليا"، مؤكدا أن "الشباب يجب أن يقتحم المجال الفلاحي بالطرق العصرية والتطبيقات الرقمية".
تشرح الشابة، هدى بن عبد الله، المنتجة لمربى وشراب وسكر التمور وكذلك الأعشاب الطبية، فكرة الزراعة القائمة على "البيوديناميك (الرزنامة الفلكية) لتحديد فترات الزراعة والقطاف" وبأن الزراعة العضوية "فلسفة تعتمد على معالجة النشاط البكتيري في التربة وإعادة تدوير النفايات العضوية واحترام التوازن الإيكولوجي".
وتوضح الشابة خولة بن باعزيز، خريجة جامعة فرنسية وشريكة بمشروع لإنتاج الزعفران، "هذا مجال صعب ومكلف ونحن شركة حديثة العهد وينقصنا التمويل".
أما رضوان زكرني، وهو مصدر تونسي شاب يقيم بإيطاليا ويصدر المواد الغذائية ويزور المعرض لأول مرة لإقامة علاقات تواصل مع العارضين، فقد تحدث عن صعوبات التصدير، إذ "لا توجد أي إعفاءات جمركية في أوروبا ولا أسعار تفضيلية".
ويحضر أيضا بمعرض باريس شباب يمثلون تونس في جناح الرقميات برواق صغير مخصص للتعريف بالتقنيات الرقمية في خدمة الزراعة.
وحسب عبد المؤمن التوكبري فقد "وصلت الصادرات الزراعية إلى 10% من إجمالي الناتج المحلي في 2018".وأشار إلى"اتفاق شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي قيد الدراسة".
وتحرز المنتجات الزراعية التونسية الجوائز والميداليات على المستوى الوطني والدولي، ففي عام 2019 حازت تونس 16 ميدالية بمسابقة لوس أنجلس لزيت الزيتون البكر الممتاز في دورتها العشرين، 3 منها ذهبية. وفازت بجائزة أفضل تغليف.
تشجيع التعاونيات والمرأة القروية في إطار "المغرب الأخضر"
الرواق المغربي يستقبل الزوار بالموسيقى الفولكلورية والحلويات، قبل أن يكتشفوا 30 تعاونية مولت وزارة الفلاحة المغربية مشاركتها بنسبة 100%، وتشارك 21 منها لأول مرة.
وعدا المنتجات التي يشتهر بها المغرب كالأعشاب العطرية والطبية ومستحضرات زيت أرغان للتجميل والزعفران وزيت بذور فاكهة الصبار وزيت وماء الورد وزيت الزيتون والكسكس بأنواعه والحناء والتوابل، ظهر منتج غذائي جديد هو مربى يقطين "شعر الملاك" ، ويسعى منتجه، مصطفى بنادي، إلى "إطلاق بحوث طبية لاستغلال منتجه لأغراض علاجية".
ويرى الحسين أوشين، منتج زيوت أساسية وخل التفاح وخلطة "أملو" التقليدية المصنوعة من اللوز المطحون والعسل وزيت أرغان، أن هذا المعرض "مبادرة جيدة لأنها تمكننا من التعريف بمنتجاتنا".
والأمر الجديد الذي أكد عليه المنظمون والعارضون بالنسبة لجميع المنتجات هو أساليب التغليف والتوضيب بشكل جذاب لأغراض تصديرية وتسويقية.
من جهتها، تؤكد وزارة الفلاحة المغربية أن الهدف من تمويل مشاركة العارضين هو "تأهيل هذه التعاونيات وتحسين جودة المنتوج وجعلها تحتك بتجارب أخرى على الصعيد الدولي"، كما يقول المهدي الريفي، المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية. ويشير إلى أنها تخضع "لشروط صارمة من حيث الجودة والتراخيص على المستوى الصحي. وهناك تتبع لمسار الإنتاج".
وقال إنه على هامش المعرض "ستنظم لأصحاب التعاونيات أكثر من 300 لقاء تجاري مع فاعلين اقتصاديين على مستوى فرنسا وأوروبا والهدف أن تسفر مشاركتهم في المعرض عن عقود" . ويولي مخطط "المغرب الأخضر"، منذ انطلاقه عام 2008، الاهتمام بـصغار المنتجين والمرأة القروية، إذ يبلغ عدد العاملات في التعاونيات 498 امرأة من اصل 1410 مزارعين.
تريد الدول المغاربية الثلاث، كل بأسلوبها، تكثيف المشاركة في التظاهرات والمسابقات الدولية للزراعة لإبراز منتجاتها أكثر وتشجيع التصدير. ووطنيا، تحاول جذب الشباب والنساء للتخفيف من البطالة والهشاشة.
2019-2-02-27
المصدر: فرانس 24 - FRANCE 24 Arabic