للمعلمين دور في تحسين الصحة العقلية للطلاب اللاجئين
تدعو الوثيقة التوجيهية التي نشرتها اليونسكو مؤخرًا المدارس إلى العمل كمراكز للإنذار المبكر لاكتشاف حالات طلاب اللاجئين الذين يعانون من مشاكل في مجال الصحة العقلية. يقول التقرير إن من الواجب تدريب المعلمين على التعرف على علامات الصدمة النفسية للنزوح وتقديم التدخل اللازم. وبينما تركز الوثيقة على المعلمين والمدارس، إلا أن نتائجها تبدو ذات صلة على المستوى الجامعي.
يرحب الخبراء بهذه الخطوة ويقولون بأنه كلما بدأ علاج مشاكل الصحة العقلية في وقتٍ أبكر كلما كان العلاج أكثر فاعلية.
قال جوستان توماس، أستاذ علم النفس بجامعة زايد في أبو ظبي، “بالنظر إلى أن 50 في المئة من جميع مشاكل الصحة العقلية تبدأ في مرحلة المراهقة، يبدو من الحكمة البدء بالعمل الوقائي في وقت مبكر. يمكن أن يكون وجود نوع جديد من المعلمين مفتاح لمعالجة أزمة الصحة العقلية.”
غالبًا ما يغادر اللاجئون أوطانهم في ظل أوضاع مرهقة للغاية – ويشهدون أحيانًا عنفًا شديدًا، أو ربما يتركون أحبابهم وراءهم أو يخوضون رحلات محفوفة بالمخاطر سيراً على الأقدام. تقول ورقة اليونسكو إن هذه التجارب يمكن أن تؤدي إلى آثار طويلة الأمد مثل الاكتئاب والقلق أو اضطراب ما بعد الصدمة.
تدعم الإحصائيات هذه النتائج من خلال إظهار معدلات عالية من مشاكل الصحة العقلية في أوساط اللاجئين مقارنة بسكان البلدان التي تستضيفهم. على سبيل المثال، يعاني ما يقرب من 40 في المئة من اللاجئين البالغين و20 في المئة من الأطفال اللاجئين في ألمانيا من اضطراب ما بعد الصدمة، بحسب التقرير.
ولا يعتبر الطلاب اللاجئون وحدهم الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية. إذ أظهرت دراسة أجريت عام 2018 أن 25 في المئة من الشباب في بيروت الكبرى يعانون من مشاكل الصحة العقلية – وأنهم سيستفيدون أيضًا من التدخلات المبكرة في المدارس إذا ما توفرت مثل هذه البرامج العلاجية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: قريبًا دراسة لتحديد حاجات صحة الشباب اللبناني النفسية).
تقترح بعض توصيات ورقة اليونسكو خلق جو أفضل في الفصول الدراسية للطلاب اللاجئين ليشعروا بالأمن والأمان مرة أخرى. قال التقرير “سواء في البلدان المرتفعة الدخل أو في حالات الطوارئ، يجب أن تكون بيئات التعلم آمنة ومغذية وسريعة الاستجابة.” من الناحية العملية، يعني هذا ضمان تغذية الطلاب وضمان أمنهم الجسدي وشعورهم بالترحيب.
كما يوصي التقرير بما يطلق عليه “الأنشطة العامة الداعمة”، والتي تشمل دروس التأمل الذهني والفن والدراما والتي تتم إدارتها من قبل المعلمين أو غيرهم من غير المتخصصين في مجال الصحة العقلية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: باحثون عراقيون يوظفون الفن لمساعدة ضحايا العنف الجنسي).
قال توماس “يتم تقديم العلاج المعرفي المتيقظ، على سبيل المثال، للأشخاص بمجرد تغلبهم على الاكتئاب، وتتمثل الفكرة في منع تكرار النوبات المستقبلية.”
لكنه يرغب في تغيير هذا – تماشيا مع توصيات التقرير – وتقديم مثل هذه البرامج للسكان المعرضين لخطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية.
وتدعم الوثيقة التوجيهية تقديم المزيد من التدريب للمدرسين حتى يتمكنوا من التعرف بشكل فعال على أعراض الطالب الذي يحتاج للتدخل. على سبيل المثال، قد يبدو الطالب مضطربًا أو غير مهتم أثناء الدروس، لكن قد يكون ذلك في الواقع إشارة إلى حاجته للمساعدة.
من خلال التدريب الكافي، سيكون المعلمون قادرين على تحديد هؤلاء الطلاب المعرضين للخطر وإحالتهم إلى أخصائيي الصحة العقلية إذا ما توفر ذلك.
يعتقد فادي معلوف، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، أن اعتراف التقرير بضرورة دعم المعلمين أمر هام.
قال “يسلط التقرير الضوء على أهمية دعم المعلمين، والذي غالباً ما يتم إهماله في بعض التدخلات. لينمو أطفالنا جيدًا في المدارس، نحتاج أيضًا إلى الاهتمام بالمعلمين.”
لا يوفر التدخل المبكر فرصة لتحسين حياة المتضررين مباشرة من مشاكل الصحة العقلية فحسب، بل يمكن أن يعزز أيضًا من فرص التنمية الوطنية. حيث أظهرت الأبحاث أن مشاكل الصحة العقلية هي أكبر مصدر للعبء الاقتصادي الناجم عن أي مرض في العالم العربي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: القلق والاكتئاب يلاحقان الشباب العربي).
ومن شأن الجهود المبذولة لتخفيف هذا العبء في أوساط اللاجئين أن تساعد المجتمع بشكل أوسع.
2019-07-15
المصدر: Al-Fanar Media