سيناريو جديد لمستقبل الجنس البشري: ربما لن ترتفع الكثافة السكانية كما تخيلنا دائماً
إنه أمرٌ حتمي ومعروف: الجنس البشري في تكاثر وتزايد مُستمر مهما تقدّم به الحال، وحتى مع التقنيات والتنظيمات والسياسات التي تحاول أن تُقلله وتُقيّده. فمن المُتوقع أن يصل عدد سُكان الكُرة الأرضية إلى 9 مليارات بحلول عام 2050.
تسعة مليارات من البشر الذين سيواصلون مسيرة حرق الكربون وتلويث البيئة بالبلاستيك واستهلاك السعرات الحرارية. وبحلول عام 2100، من المُتوقع أن يصل العدد إلى 11 ملياراً، وقد يُلاقي البشر مصيراً مُشابهاً لفيلم Soylent Green حيث التضخم السكاني خرب كل شيء. والواقع أن هذه الأرقام المهوّلة ليست ضرباً من الخيال العلمي، بل تصدر من أكثر المُنظمات العالمية الموثوقة: منظّمة الأُمم المُتحدة.
ماذا لو كانت منظمة الأُمم المُتحدة مُخطئة بشأن التضخم السكاني؟
هذا ما توصّل إليه الصحفي الكندي جون إبيتسون والعالِم السياسي داريل بريكر في كتابهما الجديد “الكوكب الخالي”، فبعد دراسة الأرقام والإحصائيات التي تطرحها منظمة الأُمم المتحدة، توصل الكاتبان إلى احتمالية دراماتيكية مُغايرة تماماً للتوقعات الحالية حول مصير الجنس البشري في المُستقبل.
ولا يستند الكتاب على إحصائيات وأرقام، إنما يدرس الخيارات التي يتخذها الناس في هذا العصر الذي يُعد الأكثر تغيّراً وتقلّباً في تاريخ الجنس البشري. حيث يأخذنا إبيتسون وبريكر إلى الأحياء الهندية الفقيرة بنيو دلهي، وغُرف التشغيل بساو باولو بالبرازيل، ويتنصتان إلى محادثات خاصة في حفلات عشاء لموظفين شباب في بروكسل، ويخوضان غمار حوارات شائقة مع نوادٍ لموظفين ناجحين في نيروبي.
النتيجة التي خرجا بها من بحثهما تتحدّى أعراف وأفكار نشأ عليها البشر، وتكوّنت حولها مبادئ وقيم وأحلام، قالبةً بذلك موازين دوغما الجغرافية البشرية المُترسخة منذ آلاف السنين، وذلك من خلال رسم صورة واضحة عما يدور في بيوت العائلات المُتمدّنة الحديثة بمختلف خلفياتهم ومساراتهم في الحياة.
ويقول الكاتبان:
يُمكن أن نُطلق على بيانات الكثافة السُكانية التي تنشرها منظمة الأُمم المُتحدة بالمعرفة العمودية. اسأل أياً كان عن رأيه في الكثافة السُكانية للعالم، سواءً كان رئيس وزراء، أو أكاديمي بإحدى الجامعات، أو رائد أعمال، أو طالب، أو أي شخص مار بالشارع وسيقول لك: يا إلهي! إن الكثافة السُكانية للبشر في تزايد مُستمر يصل إلى حد غير معقول.
ويقول ديريل بريكر:
إن نظام الأُمم المُتحدة للتنبؤ يتمحور حول ٣ عناصر: معدلات الخصوبة ومعدلات الهجرة ومعدلات الوفاة، ولا تأخذ في الحُسبان مُعدلات التعليم وخصوصاً للإناث في هذا العصر المُتمدّن. حينما أضفنا هذا المُتغير الجديد إلى الحسبة (مستوى تطوّر التعليم لدى الإناث في العالم) انقلبت الموازين ووصلنا إلى مُعدّل أقل للكثافة السُكانية بحلول ٢١٠٠ يصل إلى ٨-٩ ملياراً.
لقد زُرنا ٢٦ دولة وطرحنا هذا السؤال على النساء: “كم طفل ترغبين في الإنجاب؟” وكانت الإجابة الغالبة “اثنين”. فعلى سبيل المثال: انخفضت معدلات الخصوبة في الفلبين بشكل كبير من ٣.٧% إلى ٢.٧% بين ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٨. والاحتمال الأكبر أن تتحسّن الأحوال الاقتصادية وتخطيط المُدن، وسيحظى الناس بحياة أفضل في المُستقبل، وبالتالي ستزداد مُعدلات الكبار في السن وتنخفض الأجيال الشابة نتيجةً لذلك.
مما لا شك فيه بأن الكتاب مُثير للجدل، وقد تكون الفكرة ضرب من ضروب الخيال العلمي، لكنها مُثيرة وبإمكاننا التوغّل فيها وتخيل كيف سيكون العالم تحت ضوئها. كيف ستكون الأوضاع المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة إذا كانت الكثافة السُكانية مُنخفضة، وما التغييرات التي سيحدثها ذلك في مجالات الحياة المُختلفة، وما حسنات ومساوئ ذلك، وهل سيأتي يوم فعلاً وتخلو الكرة الأرضية من البشر في حال استمر معدل الخصوبة بالانخفاض ؟
سيناريو جديد لمستقبل الجنس البشري: ربما لن ترتفع الكثافة السكانية كما تخيلنا دائماً
منال الندابي
2019-02-18
المصدر: AraGeek - أراجيك