مشروع قانون قيصر خطوة في الاتجاه الصحيح
لا يحقّق قانون قيصر ذلك كلّه، ولا يجوز أن نصوّره على أنه انتصار للعدال في سوريا. إنه خطوة صحيحة على الطريق الصحيح، ويبقى أن يقوم السوريون بالإمساك بهذه الخطوة ومحاولة تطويرها وتصعيدها إلى أن يأتي يوم يستطيعون فيه رؤية العدالة وهي تتحقّق فتنصف المظلوم وتدين الظالم
أقر مجلس النواب الامريكي بداية هذا العام للمرة الثالثة مشروع قانون قيصر وأحاله الى مجلس الشيوخ الأمريكي لمناقشنه وإقراره. في حال إقراره سيرفع للرئيس الامريكي ليوقعه ويصبح قانوناً نافذاً.
كيف يتمّ إقرار القوانين الأمريكية؟ الخطوة الأولى أن يقوم أحد أعضاء مجلس النواب بتقديم فكرة القانون ثم يعرضها على الأعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الذين لديهم اهتمام مشترك بموضوع القانون بشكل غير رسمي. وعندما يحصل مشروع القانون على موافقة عدد لا باس به من الدعم يقدم مشروع القانون بشكل رسمي الى اللجنة ذات الاختصاص في مجلس النواب التي عادة تطلب رأي الوزارات ذات الاختصاص بفكرة القانون.
و عندما يتم الموافقة عليه في اللجنة بأغلبية بسيطة يرفع المشروع إلى اللجان التي يدخل باختصاصها نتائج القانون وإذا وافقت عليه اللجان المختصة يرفع إلى رئيس مجلس النواب ليقدمه للتصويت امام كل أعضاء مجلس النواب. في حال الموافقة عليه، يحال المشروع إلى مجلس الشيوخ، حيث تجري نفس العملية التسلسلية، فيتم إحالة المشروع إلى اللجنة المختصة وإذا وافقت عليه يعرض أولاً على كل أعضاء مجلس الشيوخ ليصوتوا على قبولهم لفكرة القانون، وبعد ذلك يعرض للمناقشة علنية لأعضاء مجلس الشيوخ ثم يتم التصويت عليه ويحتاج إلى أغلبية نسبية ليعتمد.
يحق لأي عضو في مجلس الشيوخ أن يضيف أو يحذف ما يراه مناسباً في مشروع القانون. في حال صوت مجلس الشيوخ على مشروع القانون المقدم من مجلس النواب مع وجود أي تغيير فيه، تتألف لجنة من مجلسي النواب والشيوخ للاتفاق على النص النهائي ثم يصوت
عليه مرة ويرفع للرئيس ليوقع عليه.
بالنسبة لقانون قيصر، فإن المشروع وافق عليه أكثر من ٣٠٠ عضواً من مجلس النواب من مختلف اللجان ومن كلا الحزبين بالإضافة إلى موافقة البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الخزانة على بنوده كونهم الجهة المنفذة.
كما حصل القانون على موافقة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وعلى موافقة عدد كبير من أعضاء المجلس لمناقشته وبالتالي إمكانية إقراره.
ما هي أهمية قانون قيصر للسوريين؟ يمثل قانون قيصر جهداً مشتركاً للجالية السورية الأمريكية تقوم به منذ عامين لوضعه على السكة من أجل محاسبة النظام السوري على الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين. ويتحدث القانون عن أمور واضحة ومحددة بالوضع السوري الداخلي مثل المعتقلين والعدالة الانتقالية والانتقال السياسي، مضيفاً ضغطاً اقتصادياً على النظام وداعميه بوضع المصرف المركزي تحت العقوبات مما يمنع أي تواصل مع المؤسسات المالية العالمية. يعاقب كلّ من يساعد النظام بشكل مباشر (عسكرياً) أو غير مباشر (من خلال ملفّ بإعادة الإعمار). وأخيراً، يفرض القانون على الإدارة الأمريكية تقديم تقارير دورية عن تنفيذ هذا القانون.
يعتبر القانون أداة إضافية للإدارة الأمريكية للضغط على روسيا للتقدم بموضوع اللجنة الدستورية ويقطع على روسيا والدول التي تعيد علاقتها مع النظام بالتقدم بأي استثمار مالي مباشر أو غير مباشر لدعم النظام. ويشكل القانون رسالة واضحة ضدّ الاحتلال الإيراني لسورية ويربط جزءاً كبيراً من رفع هذه العقوبات بانسحاب إيران من سورية. ويتوقع زيادة الضغط على مؤسسات الأمم المتحدة الإغاثية لتنفيذ مشاريع دعم الإنساني بعيداً عن تدخل النظام أو سيطرته.
يستثني قانون قيصر قانون قيصر هو بالتأكيد خطوة للأمام في مجال محاصرة نظام الأسد الذي تسبّب حتى الآن بتدمير وطن وقتل مئات الألوف من السوريين واعتقال وتعذيب لألوف أخرى وتهجير الملايين منهم وتغيير البنى الديمغرافية وتدمير البنى التحتية والترويج لثقافة العنف والكراهية والتقسيم المجتمعي.
هو خطوة على الطريق الصحيح، ولكنه ليس ما يطمح إليه السوريون. فالسوريون (بمعظمهم على الأقل) يطمحون إلى إزالة نظام القمع والاستبداد والسير بسوريا نحو دولة مدنية ديمقراطية، تقوم على سيادة القانون والحريات الفردية والثقافية والدينية. وهم يطمحون إلى تحقيق العدالة من خلال مساءلة كبار المرتكبين لجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
يريد السوريون أن يتخلّصوا من حكم عائلة الأسد الفاسدة وتحميلها مسؤولية الجرائم المرتكبة، كما يريدون تحرير سوريا من الاحتلالات العسكرية بكلّ أشكالها، وفي مقدمتها الاحتلالين الروسي والإيراني لسوريا.
يريد السوريون أن يروا من قتل أبناءهم وأحبابهم يلقى جزاءه العادل جرّاء الجرائم التي ارتكبها.
لا يحقّق قانون قيصر ذلك كلّه، ولا يجوز أن نصوّره على أنه انتصار للعدال في سوريا. إنه خطوة صحيحة على الطريق الصحيح، ويبقى أن يقوم السوريون بالإمساك بهذه الخطوة ومحاولة تطويرها وتصعيدها إلى أن يأتي يوم يستطيعون فيه رؤية العدالة وهي تتحقّق فتنصف المظلوم وتدين الظالم.
بسام بربندي ووائل السوّاح
المصدر: مع العدالة