وفاة المؤرخ فايز قوصرة: إدلب تفقد أيقونة تاريخية وثقافية
توفي يوم الخميس 23 مايو 2024، المؤرخ الكبير فايز عبد القادر قوصرة، بعد صراع طويل مع مرض عضال، مخلفاً وراءه إرثاً تاريخياً وثقافياً كبيراً سيبقى شاهداً على مسيرة حافلة في توثيق تاريخ المنطقة الحضاري.
ولد فايز قوصرة في إدلب، واستقى شغفه بالتاريخ من جده لأمه، المؤرخ محمد راغب الطباخ، صاحب سيرة "إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء". درس المرحلتين الإعدادية والثانوية في إدلب، وأكمل تعليمه الجامعي في جامعة دمشق، حيث حصل على إجازتين علميتين في التاريخ والدراسات الفلسفية والاجتماعية.
انطلق قوصرة في مسيرته الثقافية بعد تخرجه، حيث التحق بالمركز الثقافي في إدلب عام 1960، ونشر أول مقال له بعنوان "إيمان بالنجاح" في مجلة "الخمائل" الحمصية عام 1962.
بدأت مؤلفاته الأدبية بالظهور في عام 1984 مع كتاب "الرحالة في محافظة إدلب"، تلاه عدد من الأعمال التي أصبحت مرجعاً هاماً لتاريخ إدلب وحضارتها، منها:
- "من إيبلا إلى إدلب": مجلد ضخم يحتوي على أكثر من 140 وثيقة وصورة.
- "الثورة العربية في الشمال السوري: ثورة إبراهيم هنانو": كتاب صادر عن وزارة الثقافة السورية.
- "التاريخ الأثري للأوابد العربية الإسلامية في محافظة إدلب": فاز بالجائزة الأولى في مسابقة جمعية العاديات بحلب عام 2004.
- "قلب لوزة درة الكنائس السورية": صدر باللغتين العربية والإنجليزية.
- "حصن شغر - بكاس": وثق الحصن الذي استعصى على صلاح الدين الأيوبي.
- "عرب على عرش روما": يروي قصص سبعة أمراء عرب حكموا روما.
تحدث قوصرة في لقاء سابق مع موقع "عنب بلدي" عن الصعوبات التي واجهته خلال سنوات الحرب السورية، والتي أثرت سلباً على نشاطه الثقافي. رغم ذلك، لا يزال لديه نحو عشرين كتاباً لم تطبع بعد، وينشر بعضها عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك".
آخر أعماله كان كتاب "إدلب البلدة المنسية"، الذي يتكون من عدة أجزاء. الجزء الأول منه، الذي يتناول تاريخ إدلب في 400 صفحة، يتطرق إلى حال السكان والزوايا والتكايا والمساجد والمقابر منذ القدم حتى تاريخ الوحدة بين سوريا ومصر. وستتناول الأجزاء الأخرى التغييرات التي طرأت على إدلب في التاريخ الحديث.
إن وفاة فايز قوصرة ليست فقط فقدان لشخصية ثقافية بارزة، بل هي خسارة لإرث تاريخي مهم. علينا كأفراد ومؤسسات ثقافية العمل على الحفاظ على هذا الإرث ونشره للأجيال القادمة.