كيف نتخلص من اضطرابات النوم في رمضان
طبيعة شهر رمضان والعبادات الدينية والعادات الاجتماعية فيه تدفع الناس لتغيير نمط نومهم، فنرى كثيرًا منهم ينامون بشكل متقطع وغير منتظم في أثناء اليوم الواحد، حيث يسهرون حتى وقت متأخر، ثم يقطعون نومهم لتناول السحور وصلاة الفجر، ثم ينامون حتى وقت متأخر من النهار، كما يلجأ بعضهم إلى حرمان أنفسهم من النوم خلال النهار بسبب ارتباطهم بمواعيد العمل، وهذا يقلل من ساعات النوم لتصبح وسطيًا 4- 5 ساعات في اليوم، بينما يحتاج جسم الإنسان البالغ إلى 6- 8 ساعات يوميًا لاستكمال دورة النوم الفيزيولوجية.
وقد يستوفي كثير من الناس معظم ساعات نومهم خلال النهار، إلا أنهم يشكون من أعراض نقص النوم بسبب التغيير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، إذ يزيد ذلك من إمكانية الإصابة باضطرابات الساعة البيولوجية كمتلازمة تأخر مرحلة النوم، واضطراب إفراز بعض الهرمونات المسؤولة عن النوم كالميلاتونين، ففي الأحوال العادية، تحدث قمة إفراز الميلاتونين في الليل خلال فترة النوم، وينخفض مستوى هذا الهرمون كثيرًا خلال النهار عند الصحو، ما يساعد الجسم على التحكم بالساعة البيولوجية التي تتمثل بدورات النوم والصحو المتزامنة مع الليل والنهار، ولكن في رمضان، وبسبب التعرض للإضاءة القوية في الليل، والاستخدام المفرط لأجهزة التواصل كالجوالات والأجهزة اللوحية والجلوس الطويل لمشاهدة التلفاز ومتابعة المسلسلات والبرامج الفنية، فإن ذلك يقلل من إفراز هذا الهرمون فيحدث الأرق.
وهناك نظرية تقول، إن الصيام بحد ذاته يؤثر على فيزيولوجيا النوم، فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد تنتج عنه زيادة عمليات الاستقلاب (الأيض) وإنتاج الطاقة خلال الليل، ما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم خلال الليل، وهذا يسبب زيادة النشاط وعدم الشعور بالنوم ليلًا، ويتبع ذلك خلال ساعات الصيام نهارًا انخفاض درجة حرارة الجسم، والشعور بالنعاس، أي أن الصيام يؤدي إلى تغير الساعة البيولوجية في الجسم.
كل هذا يؤدي إلى قلة النوم ورداءته، ما يسبب الإنهاك والشعور بالإرهاق والنعاس وتشتت الذهن وضعف التركيز، وهذا يسهم بارتفاع خطر وقوع الحوادث، خاصة حوادث السير بالنسبة للسائقين، وكذلك حدوث صعوبات في التعلم والتحصيل المدرسي لدى الطلاب، كما تؤدي اضطرابات النوم إلى الإصابة بالصداع وفقدان الشهية واضطرابات الهضم، وتؤدي أيضًا إلى اضطراب وتعكر المزاج، فيعاني الشخص التوتر والعصبية وسرعة الغضب، وقد تؤدي إلى اضطراب ضغط الدم عند مرضى ارتفاع التوتر الشرياني واضطراب سكر الدم عند مرضى السكري.
وللتوفيق بين النوم والعبادات في رمضان دون أي تقصير، والحفاظ على راحة الجسم، يُنصح الصائمون بالالتزام بما يلي:
تنظيم أوقات النوم، من خلال محاولة الخلود إلى السرير في وقت مبكر ليتسنى النوم مدة 3- 4 ساعات تقريبًا قبل السحور، ثم العودة للنوم مرة ثانية لمدة 3- 4 ساعات أخرى، بحيث لا يقل عدد ساعات النوم عن 7 ساعات، وأخذ قيلولة بعد الرجوع من العمل بما لا يزيد على نصف ساعة أو ساعة واحدة على الأكثر.
عدم الإفراط باستخدام أجهزة التواصل كالجوالات والأجهزة اللوحية أو مشاهدة التلفاز ليلًا.
تنظيم بيئة النوم من سرير وفراش مريح، بالإضافة إلى التأكد من أن تكون الغرفة معتمة، وهادئة، ودرجة حرارتها لطيفة، وعدم ممارسة أي نشاط بدني أو ذهني قبل ساعة من النوم تقريبًا.
الاعتدال بنظام الطعام، عن طريق عدم الإفراط بالأكل، وتجنب تناول المشروبات المنبهة كالشاي والقهوة والكولا قبل النوم، وعدم تناول الطعام قبل ثلاث ساعات تقريبًا من النوم لتجنب الإصابة بالتخمة والارتداد المعدي المريئي الذي يؤثر على جودة النوم، وتجنب تناول الأطعمة التي من شأنها أن تؤدي إلى الأرق خلال وجبة السحور.
وبعد رمضان يجب تعديل نظام النوم بصورة تدريجية، عن طريق تغيير وقت النوم والاستيقاظ عدة أيام قبل بداية الدوام، وهنا يجب الاستفادة من الأيام الأخيرة من إجازة العيد في ذلك، وخاصة بالنسبة للأطفال قبل عودتهم إلى المدرسة، وقد يفيد التعرض للإضاءة القوية عند الاستيقاظ صباحًا لمدة ساعة على الأقل، وذلك لا يتطلب البقاء خارج المنزل تحت الشمس، ولكن يمكن التعرض للضوء من داخل المنزل أمام إحدى النوافذ، لأن الضوء هو العامل الأساسي في تحديد الساعة البيولوجية، حيث يخفض مستوى هرمون الميلاتونين في الدم.
كذلك يجب تجنب الوجبـات الثقيلة والدسمة في الأيام الأولى من بدء تغيير نظام النوم حتى تتوافق الساعة البيولوجية في الجسم مع البرنامج الجديد.
المصدر: عنب بلدي