عامل إغاثة بريطاني بسوريا جُرّد من جنسيته يتحدث عن عنصرية النظام
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن سحب الحكومة البريطانية جنسية عامل إغاثة ناشط في سوريا.
من جهته، أشار عامل الإغاثة إلى أن استعمال القوة من قبل الحكومة ساهم في بروز ما أطلق عليه "النظام العنصري"، الذي يُعدّ فيه بعض الأشخاص "شبه بريطانيين".
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن توقير شريف واحد من بين العديد من المواطنين البريطانيين المقيمين في جيب إدلب، الذي تسيطر عليه المعارضة السورية، والذين عمل موقع "ميدل إيست آي" على تغطية حالاتهم في شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017.
وأشار الموقع إلى أنه لا يمكن ذكر أسماء أي من الأشخاص الذين شملتهم أوامر إلغاء الجنسية، نظرا لأنهم مطالبون بعدم الكشف عن هويتهم، على الرغم من أن طلباتهم القانونية مستمرة. في المقابل، حصل محامي شريف الأسبوع الماضي على أمر من المحكمة ليكشف عن اسمه؛ حتى يتمكن من التحدث بصراحة عن قضيته.
وحيال هذا الشأن، قال شريف إنه يعتقد أن الوقت حان لتسليط الضوء على استخدام الحكومة لأوامر إلغاء الجنسية على خلفية البلبلة التي أحدثتها قضية شميمة بيغوم، حتى مع المواطنين البريطانيين في سوريا الذين لا تربطهم أي صلة بتنظيم الدولة.
ويعيش شريف في مخيم أطمة بالقرب من الحدود السورية مع تركيا منذ سنة 2013. وقد قال شريف: "أشعر أنه من واجبي تجاه الرأي العام البريطاني أن أتكلم؛ لأنني أعتقد أن هذه القوانين تتعارض مع القيم البريطانية".
ونقل الموقع عن شريف قوله: "لدينا الآن تسلسل هرمي من طبقتين في بريطانيا، حيث يوجد البريطانيون وغير البريطانيين: مهاجرون أو مواطنون متجنسون أو أطفال مهاجرون". والجدير بالذكر أن بيغوم هي مراهقة من لندن تم تجريدها الأسبوع الماضي من جنسيتها من قبل وزير الداخلية، ساجد جاويد، بعد أن استأنفت السماح لها بالعودة مع طفلها المولود حديثا من سوريا، حيث عاشت قرابة أربع سنوات على الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
بموجب القانون البريطاني، يمكن لوزير الداخلية تجريد الأشخاص من الجنسية فقط إذا كان لديهم جنسية مزدوجة؛ حتى لا يتركوا عديمي الجنسية. في المقابل، تزايد استخدام الحكومة للقوة ردا على التهديد المتوقع الذي يمثله العائدون من سوريا، حيث حرم 104 أشخاص من حقوق الجنسية سنة 2017، مقابل 14 سنة 2016. وتجدر الإشارة إلى أن والدي شريف هاجرا إلى المملكة المتحدة من باكستان عندما كان طفلا، لكنه زار باكستان مرة واحدة فقط للعمل كعامل إغاثة عقب الفيضانات في البلاد سنة 2010.
وأوردت الصحيفة تصريحا لسيري بولفانت، المتحدثة باسم "كيج"، وهي منظمة تدافع عن الأشخاص المتضررين من سياسات مكافحة الإرهاب، أفادت فيه بأنه "يجب أن نرد على هذه العملية العنصرية والمسيئة للحرمان من المواطنة. تكشف حالات مثل توقير كيف تستغل الحكومة وجماعات ضغط اليمين خطاب الحرب على الإرهاب للتأثير على القضاء، بطرق تنتهك معايير الإجراءات القانونية، وتعاقب العاملين في المجال الإنساني".
وبيّن الموقع أن شريف يناضل من أجل قضيته، خاصة أنه غير مذنب، ولم يرتكب أي مخالفة، ولم يتهم بأي جريمة، وبالتالي لا يوجد سبب قانوني ليتم تجريده من جنسيته، "أريد الفوز؛ لأنني بريء. أريدهم أن يقولوا إنني لم أرتكب أي جريمة". وقال شريف إنه تم إخطاره بأن جنسيته قد ألغيت في مايو/ أيار سنة 2017. ووفقا للرسالة الموجهة إلى عائلته، فإنه صنف من قبل الحكومة بأنه يتواصل مع مجموعة لها علاقة بتنظيم القاعدة، ويعدّ خطرا على الأمن القومي للمملكة المتحدة.
وأشار شريف إلى أنه كان على علم بوجود نحو 12 مواطنا بريطانيا آخرين يعملون في القطاع المدني في إدلب جُردوا من جنسيتهم في الوقت ذاته تقريبا. وأفاد شريف بأن "الأشخاص أمثال شميمة بيغوم والجهادي جاك يزيدون من تعقيد وضعنا. تحاول الحكومة رسم صورة أن الأشخاص الوحيدين الذين يتم إبطال جنسيتهم هم التابعون لتنظيم الدولة، وهذا غير صحيح تماما".
وأضاف شريف: "أنا لست مسجونا. أنا لا أتوسل بالعودة إلى البيت. أنا لا أتحدث تحت أي إكراه، وأنا لا أتحدث بسبب سقوط ما تسمى الخلافة. هناك أشخاص آخرون، ذوي شهادات عليا، أطباء وصحفيون، تم تجريدهم من جنسيتهم، وهم يحاولون بشكل شرعي هنا مساعدة الناس. يمكن استهداف العديد من الأشخاص بموجب هذا التشريع الواسع الذي يتم إساءة استخدامه".
ونوه الموقع بأن شريف سافر لأول مرة إلى سوريا في قافلة مساعدات في منتصف سنة 2012، وكان يقيم بشكل دائم في مخيم أطمة منذ أوائل سنة 2013. وهو يعيش مع زوجته البريطانية أيضا ولديهما خمسة أطفال جميعهم ولدوا في سوريا. ولم يستطع شريف الحصول على جواز سفر لأولاده، وليس لدى أي منهم حاليا وثائق سفر تسمح له بمغادرة سوريا بشكل قانوني.
وأشار الموقع إلى أن شريف كان متطوعا على متن سفينة المساعدات مرمرة التي قُتل فيها عشرة أشخاص على يد الكوماندوز الإسرائيلي في أثناء محاولة كسر حصار غزة سنة 2010. كما أكد شريف أنه مسؤول حاليا عن إدارة 41 مشروعا وعلى طاقم يتكون من 170 موظفا. وتشمل المشاريع بناء مخيمين للنازحين في مناطق أخرى في سوريا، أحدهم مخصص للأرامل والأيتام.
وأفاد الموقع بأن شريف ساعد في نقل المساعدات إلى شرق حلب في ذروة حصار المدينة سنة 2016، وعمل جنبا إلى جنب مع متطوعي الدفاع المدني السوريين؛ للمساعدة في إنقاذ الناس واستعادة الجثث في أعقاب الغارات الجوية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، كان شريف من بين الرعايا الأجانب المشاركين في إطلاق مشروع الوحدة، وهي منظمة أنشأها المغتربون في إدلب الذين لا ينتمون إلى أي جماعات مقاتلة؛ لإعالة أنفسهم في عملهم وفي المعارك القانونية مع حكوماتهم.
ومن المعروف أن قضايا اللجنة الخاصة بطعون الهجرة من الصعب الفوز فيها، وذلك وفقا للمحامين؛ لأن أوامر إلغاء الجنسية تستند فقط إلى تقييم وزير الداخلية بأن وجود الفرد في المملكة المتحدة "لا يفضي إلى الصالح العام". وعادة ما يتم تقديمها عندما يكون الشخص المستهدف في الخارج، ولأن أمر الإبطال يتطلب مبعوثين فوريين، ونظرا لأنه لا يسمح لهم بالعودة إلى المملكة المتحدة للاستئناف، فإنهم يخسرون القضية.
وأوضح الموقع أنه يمكن للحكومة في الدفاع عن القرارات الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية من الأجهزة الأمنية التي يتم سماعها من قبل المحكمة في الخفاء، وهذا يعني أن المستأنفين ومحاميهم لا يمكنهم رؤية جميع الأدلة المقدمة ضدهم. وقال محامي شريف إن الجانب الأكثر إثارة للقلق في قضايا تجريد المواطنين من الجنسية هو "الغياب الكامل للأسباب أو التفسير" الذي أدى إلى استهداف الفرد.
وفي الختام، ذكر الموقع أن المواد التي قدمتها الحكومة في إحدى الحالات تضمنت عدة صفحات من الأدلة تم فيها تنقيح كل كلمة. وقال شريف إن "هذه المحاكم السرية لا تسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا؛ لأننا لا نعرف الأدلة المقدمة ضدنا. ضعني أمام هيئة محلفين وسوف أفوز، وأنا متأكد مئة في المئة من ذلك".
2019-03-06
المصدر: Middle East Eye
تمت ترجمة التقرير "عربي 21"