جنود بعدسات التصوير
علاقة الصورة بالواقع تتجاوز كل المسافات، حيث تسرق الصورة الفوتوغرافية لحظات من الزمن، ربما لإبتسامة، أو لعمل، لكن كيف لو كانت تنقل وتوثق حالات الحروب والنزاعات من قصف ودمار وحزن وتهجير.
محمود عواد، يعمل في الشمال السوري في مجال التصويرالإنساني في (منظومة وطن )، ويسعى جاهداً لنقل معاناة الأشخاص الضعفاء، الذين أثقلت كاهلهم الحرب والقصف والنزوح والتشرد إلى العالم الخارجي.
تحدث محمود لموقع صدى المجتمع المدني، عن عدة صعوبات يواجهها المصور الإنساني في الأماكن غير الآمنة، وفي معظم الأوقات يتعرض للكثير من المخاطر، من خلال الاستهداف المباشر في بعض الأحيان من الطيران الحربي والمدافع، حيث تم استهداف فريقه في منطقة معرة النعمان (ادلب) وتم استشهاد أحد زملائه خلال القصف، بالإضافة إلى تفاقم حالات عدم الاستقرار الأمني هناك أيضآ.
وكأي مهنة أخرى، للتصوير الإنساني قوانين وقواعد لايمكن تجاوزها، خاصة في الحالات الإنسانية، كقانون الحفاظ على كرامة الأفراد والأطفال أثناء التصوير والتوثيق، حيث أكد لنا المصور محمود عواد بأن هناك قوانين واضحة، ويعمل عليها مع فريقه من المصوريين، التي تقتضي عدم إظهار وجوه الأفراد والأطفال خاصة في حالات استلامهم للمساعدات الإنسانية، من مبدأ حماية كرامة الأفراد والجماعات، وكما يترتب على مهنة التصوير أمور قانونية، إذ أنه يجب أن يعطى الموافقة بتصوير الوجه من قبل الشخص المستلم للمساعدة الانسانية واذا كان الشخص المراد تصويره طفلاً يتم الحصول على الموافقة بتصويره من قبل والديه، وأكد محمود بأن وجوه الأطفال حتى لو تمت الموافقه من قبل ذويهم بتصويرهم، لايتم إلا في حالات الفرح والمناسبات مع ضحكاتهم وأنشطتهم ولعبهم فقط.
الكثير منا يسأل هل تقوم الصورة بنقل الحالات تماما نفسها من على أرض الواقع وخاصة تلك التي تعكس القصف والاستشهاد والحزن؟
من خلال خبرة محمود في هذا المجال أوضح لنا: "الواقع أسوء بكثير مما تعرضه الصورة بنوعيها الفوتوغرافية والفيديو، لكن هذا لايمنع من نقل الحقيقة الحاصلة بلحظتها الآنية وتوثيقها.
ويضيف محمود، بأن الصور الإنسانية قد تغير حياة أولئك الأشخاص، فالصورة الإنسانية تقوم بدور الوسيط، حيث كان هناك حالات إنسانية لبعض الأشخاص تم تصوير وتوثيق حالاتهم المعيشية، الصحية، والاجتماعية، وغيرها من الحالات التي تتطلب الاستجابة الفورية، يذكرمنها حالة عبد الحليم العطار الذي كان يبيع الأقلام في شوارع بيروت، حيث تمت ومن خلال مبادرات قدمت له الاستجابه لحالته في حين بات وضعه حاليآ أفضل مما كان عليه سابقآ، و يمكن من خلال تصوير فيديو قصير لحالة إنسانية ما أن يحرك ضمائر الملايين من الأشخاص الذين يقومون بواجبهم الإنساني والاجتماعي لتلك الفئة من الأشخاص التي كانت ظروف الحياة ضدها ووبالتالي أعطائهم فرصة جديدة للعيش والانتاج.
ينقل المصور الإنساني الصور بجميع حالاتها للعالم، بما تحمله من فرح والكثير من الآسى والذي ينعكس بدوره على حالته النفسية، ف معظم المصوريين في سوريا، وثقوا حالات مقتل المدنيين، وصور لمجازر، تؤثر بشكل مباشر على نفسيته، يقول محمود عواد عن هذا الأمر، يجب على المصور في تلك الأحداث المروعة التي يعيشها المصور الانساني، أن يكون على درجة عالية من التركيز، ويتناسى عواطفه لإنجاز مهمته، ونقل حقيقة الموقف بشكله الحقيقي، لكن مما لاشك عند الانتهاء من مهمته يستجمع تلك اللحظات المؤلمة في مخيلته وعدسته.
ختم محمود اللقاء، حيث شبه المصور الإنساني كالجندي، كلاهما يواجه المخاطر من أجل رسالته النبيلة والسامية.
المصدر: موقع صدى المجتمع المدني