الفنان الخادم الأول لمجتمعه
بهذه الكلمات شبه الفنان السوري نوار بلبل دور الفنان إتجاه مجتمعه وذلك من خلال لقاء خاص معه لموقع صدى المجتمع المدني
نقل الفنان نوار بلبل معانأة الشعب السوري من المخيمات إلى أوربا من خلال أعماله الفنية.
بداية اللقاء كانت بكيف يستطيع الفنان أن ينقل معانأة المجتمع المدني من خلال أعماله ؟ قال نوار:" هناك مهام تشاركية يجب على كل شخص من فنانيين وغيرهم من الشرائح الاجتماعية أن ينقلوا معانأة المجتمع و أن يعملوا على إرتقاء مجتمعاتهم كلٌ بحسب مهامه، ومن وجهة نظري الشخصية أعتبر أن الفنان هو الخادم الأول لمجتمعه إذ أنه يعمل خلف الكواليس من أجل نقل معانأة مجتمعه إضافة إلى أن الفنان يستطيع من خلال أعماله أن ينقل ويوضح ما يجري في المجتمعات من سلبيات، نواقص، إيجابيات ومكملات، حيث يوجد بعض الفنانيين السوريين قاموا بنقل معانأة الشعب السوري وذلك من خلال وقوفهم معه بجميع وكافة مطالبه السلمية، لكن للأسف البعض من هؤلاء الفنانين تراهم إما في الخيام أو المعتقلات و منهم المختفيين والمهجرين، ونحن كفنانيين ننقل تلك المعانأة لنعكس الواقع الأليم سواءً من خلال عرض مسرحي أو تلفزيوني أو مقطوعة موسيقية. ومما لاشك فيه مهنة الفن تُعد صعبة وتحمل الكثير من الشقاء حيث الفنان يكون فيها موضع حسد أحيانآ، وهناك أمور تترتب على الفنان عندما يكون مجبر أن يؤدي دوره دون السماح له بإظهار ردود فعله السلبية أي بمعنى آخر يؤدي دوره كببغاء، وللأسف يوجد الكثير من الفنانيين الذين يقومون بتمجيد وتقديم الولاء للسلطة الحاكمة لذلك أنا أعتبر حالهم كحال فنانيين البلاط سابقآ الذين قاموا بالغناء والتمجيد للحكام ليس فقط الفنايين الدراميين بل الرسامين والموسيقيين، ونرى الكثير من أمثالهم حاليآ وهم بكثرة".
لماذا لم يتم تسليط الضوء على الفنانيين الذين شاركوا في الحراك السلمي في الثورة السورية من قبل الجهات الأممية أي بمعنى إلى الآن لم يتم تعين البعض منهم كسفراء للنوايا الحسنه؟
قال نوار:" يشكل هذا المنصب من وجهة نظري الخاصة منصب فخريآ ظاهريآ أما ضمنيآ هذا المنصب يُعد ورقة تقاعد للفنان لأن الإنسان الحر يستطيع أن يحكي وينقل معانأة الشعوب المضطهدة دون ضوابط كما يستطيع أيضآ أن ينتقد أي شخص عن طريق فَنه وبالتالي الجمهور لديه حرية الإختيار إما أن يتابع ما يقوم الفنان بعرضه أو أن لايُعير أي إهتمام لما يُقدم بهذا الخصوص، وأنا كفنان أستطيع أن أبدي رأي وللجمهور بالتالي حرية الإختيار في المتابعة أو العكس.
وكنت قد طلبت سابقآ من جهات ومنظمات أممية المساعدة وذلك بهدف تقديم عمل مسرحي في مخيم الزعتري يحمل عنوان"شكسبيرإن" وتم الرفض من قبلهم لعرض هذا العمل المسرحي وأيضآ تم إيقاف العمل، لكن بعد وقت تم عرض المسرحية كعمل إنساني بمشاركة الأطفال هناك".
ماذا تعني خشبة المسرح بالنسبة لنوار بلبل؟ قال نوار:" خشبة المسرح تعني لي الحياة وكما قيل أن السينما أكبر من الحياة والتلفاز أصغرمن الحياة، لكن المسرح يساوي الحياة. حيث أني منذ أن تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية في عام 1998 إلى الآن مازلت أعمل على خشبة المسرح إلا أنني توقفت عن التمثيل خلال فترة خدمة العلم الإلزامية وبعدها تابعت العمل الفني سواءً كفنان أو مخرج، والذي زاد من تكثيفي للحالة المسرحية هو موقفي وتضامني مع الثورة السورية حيث إستطعت خلال هذه الفترة بأن أدرك ماذا تعني كلمة مسرح أكثر مما كانت عليه سابقآ. كنت أعتقد في الفترة التي كانت قبل الثورة السورية أن الأعمال التي كنت قد قدمتها تجاوزت الخطوط الحمراء أي أنها كانت معبرة عن الرأي لكن إكتشفت بعدها بأن العكس صحيح وأننا كمسرحيين بعيدين كل البعد عن هذه التجاوزات والخطوط، خاصةً عندما خرج شاب متهور شجاع سلمي كان قد سبقنا بمراحل وذلك عندما إجتاز ودخل إلى عمق تلك الخطوط ، من خلال كلمته "الشعب يريد اسقاط النظام" في عام 2011-03-15 في ذاك الوقت أيقنت أن أعمالنا المسرحية لم تكن بتلك الحرية والمساحة الكافية لنعبر عن رأينا.
ذاك الشاب كان الشعب السوري وشباب الثورة والمظاهرات السلمية الغير مسلحة، وأعتبر أن هؤلاء الشباب كانوا أشجع من الفنانين وقتها وذلك من خلال رفضهم للظلم. شعرت في ذلك الوقت أني أركض إليهم وأطلب الذهاب معهم في رحلة الثورة السورية السلمية. موقفي من الثورة السورية ثابت من ذاك الوقت إلى الآن لم ولن يتغيرحتى وإن عاد الزمان مليون عام إلى الوراء "شاء من شاء وأبى من أبى"، وأعلم أن الشعب السوري قدم الكثير وقام بدفع الثمن عندما قامت الثورة السورية إلا أنها ثورة حق". وأضاف أيضآ:" لم يعد هناك لدي أي خطوط حمراء لا أستطيع تجاوزها وذلك بما يخص حرية التعبيرعن الرأي، بعد خروجي من سوريا شعرت وكأني خلقت من جديد كون أنه لم يعد هناك من يعتقلني أو يحاسبني لمجرد حرية التعبيرعن الرأي، ومن خلال أول عمل فني لي خارج سوريا نهاية عام 2013 كنت قد تعلمت من مخيم الزعتري كيف أبني مسرح بشكل جيد خاصة بوجود الأطفال هناك، وذلك من خلال عمل مسرحي "شكسبير إن" في ظل الظروف المغايرة وقتها".
لماذا لم نشهد أي عمل فني مشترك يجمع الفنانين المتواجدن حاليآ خارج سوريا بمعنى أصح في بلاد اللجوء؟
قال الفنان نوار بلبل:" أغلب الأعمال في هذه الحالة تكون أعمال تلفزيونية، ومن وجهة نظري لا أتوقع للأسف وجود أي عمل مشترك يجمع الفنانيين الذين قد شاركوا بالثورة السورية أو بثورات الربيع العربي في بلاد اللجوء، لأن بعض القنوات العربية لا تسمح بأن يعرض على شاشاتها مثل هكذا أعمال،
طبعآ إلا إذا كان هناك جهود فردية وشخصية ونخبة. مثل هكذا مبادرات تحتاج حقيقةً إلى ممولين لذلك أعتقد أننا لن نشهد مثل هذه الأعمال حاليآ".
هناك الكثير من المواهب الفنية الشابة التي إضطرت إلى مغادرة سوريا، هل هناك أي مشروع فني لتدريبهم وإحتوائهم من قبلكم أنتم كفنانيين قدامى في هذا المجال؟
قال نوار:" مما لاشك فيه أنه يوجد الكثير من المواهب الفنية الشابة القوية في التمثيل والإخراج، التي إضطرت إلى مغادرة سوريا، والجدير بالذكر بأنه يوجد مواهب شابة فنية حاولت أن تكون بمصافي الفنانين القدامى، منهم من إستطاع أن يثبت جدارته وهم قلة والعكس صحيح.
لذلك نرى البعض منهم قد فَشل في هذا المجال إذ لم يكتب لهم الإكمال ومتابعة هذا المجال. ومما يستدعي الإستغراب عندما سألت أحد الشباب ماذا تعمل او ماهي طبيعة عملك بمهنى أصح ؟ كانت إجابته "بصانع أفلام" علمآ أن مهنته الرئيسية ليس لها أي صلة وعلاقة بالفن وبعيدة كل البعد عن الفن، وهذه الظاهرات نراها في عدة دول وعواصم أوربية كباريس وبرلين واسطنبول، لذلك أنا شخصيآ مستعد لتقديم الدعم لأي موهبة فنية شابة، كحالة فردية بدأت بإثبات نفسها وكما أنني على إستعداد بالتواصل مع تلك المواهب الفنية الشابة والعمل معها ضمن عمل فني مشترك يجمع بيننا لكن للأسف هذه المواهب نادرة وقليلة بالوقت الحالي".
ماذا بالنسبة للأعمال الفنية العالمية؟ أجاب الفنان نوار": يوجد حاليآ عمل مسرحي مكتوب منذ أكثر من عام ونصف، يحمل عنوان " فاوست " للأديب الألماني غوتيه، العمل محكي بخمسة لغات كما أن أنه يضم فنانين مشاركين فيه من جنسيات مختلفة ( أميركا- اسبانيا- فرنسا-المانيا- سوريا ) وأتمنى أن يرى هذا العمل النور ويتم عرضه لأن مثل هكذا أعمال مُكلفة وتحتاج إلى تمويل حقيقةً.
بدأت بالعمل في هذا النمط من الأعمال المسرحية منذ قدومي إلى فرنسا أي منذ عام ونصف، وفي الواقع يجب علينا نحن كفنانين متواجدين في أوربا أن نعمل بجد ونعرف عن أنفسنا فنيىآ ونقدم أعمالنا هنا. حيث أني عندما كنت متواجد في سوريا سابقآ كنت فنان معروف بالنسبة للجمهورالعربي والسوري، لكنني لست معروف بالنسبة للجمهور الأوربي.
أما بالنسبة إلى أعمالي الحالية أقوم بعرض العمل المسرحي بعنوان "مولانا " حيث تم عرض هذا العمل في أكثر من بلد منها ( أميركا- اسطنبول- برلين- فينا- وفرنسا) وسوف يتم عرض "مولانا" مستقبلآ من خلال جولة إلى عدة بلاد أخرى حيث يوجد مواعيد ليتم عرضه خلال العام الحالي 2019، هذا العمل من تاليف فارس الذهبي ومن إخراجي وتمثيلي، الأصداء "لمولانا" كانت إيجابية و جيدة، وكما أنني أدرك تمامآ أن إضاعة الوقت ليس من صالحنا لذلك اقوم حاليآ بالتحضيرلعمل جديد يحمل عنوان "عالم صغير"، يتناول العمل قضايا عديدة واقعية منها اللجوء والإعتقال في العالم، ومثال على ذلك الباحث الفرنسي "ميشيل سورا" الذي كتب الدولة المتوحشة عام 1985
حيث أستشهد في معتقلات النظام السوري. في نهاية اللقاء أضاف نوار: أتوقع بأن الأبواب بدأت تنفتح إلينا نحن كفنانين في أوربا وبالتالي تصبح عملية التمويل أسهل لإنجاز أكثر من عمل."
المصدر: موقع صدى المجتمع المدني