“منكِ وإليكِ” مشروع المونة المنزلية لدعم النساء السوريات في تركيا
تتجول فهمية الطحان “سورية مقيمة في تركيا” مع زوجها في أسواق الخضار بمدينة الريحانية التركية، تتسوق الخضار والفاكهة اللازمة وتعود بها للمنزل لاستعمالها في صناعة المربيات والمخلل، وتعبئتها ضمن عبوات زجاجية لعرضها للبيع.
تعمل طحان ضمن مشروع المونة المنزلية “منك وإليك” ويضم ستمئة سيدة سورية يعملن على أمل الحصول على دخل إضافي يساعد أزواجهن بتأمين نفقات المنزل.
هكذا انطلقنا
بدأ مشروع المونة المنزلية مطلع العام الجاري وهو أحد مشاريع اللجنة النسائية السورية في الريحانية. تقول المهندسة فاطمة حاج موسى مديرة المشروع بأنه يهدف لمساعدة العائلات السورية في تركيا، ولتأمين فرص عمل للمرأة حتى تتمكن من تحضير مستلزمات مطبخها بنفسها، وتحصيل بعض المردود المادي دون الحاجة للوقوف على أبواب المنظمات.
تختلف طريقة تحضير المونة المنزلية في تركيا عما اعتاد عليه السوريون لذلك تصنع النساء المونة للمجتمع السوري المتواجد هناك، كل سيدة تتكفل بصناعة نوع محدد من المونة، واحدة تتكفل بصناعة المربيات وأخرى المخللات وهكذا تشارك جميعهن بتأمين كافة احتياجات المطبخ السوري.
بداية المشروع جاء بتبرع من سيدة منتسبة للجنة بنحو ألفي ليرة تركية لشراء مواد أولية، وبعد بيع المنتجات يقومون بشراء مواد أولية جديدة لتصنيعها.
إذ لا تملك اللجنة أي جهة داعمة وتعتمد في عملها على تبرع من الأعضاد المنتسبين لها، والهبات التي تصلهن من بعض الشخصيات.
وصل المبلغ المخصص لمشروع المونة المنزلية إلى نحو عشرة آلاف ليرة تركية تقول رحال، وتأمل القائمات عليه بالاستمرار بالعمل حتى يصلن لألف امرأة مستفيدة بهدف تخفيف العبء عن المجتمع التركي والسوري والمنظمات الإغاثية، التي عجزت مؤخراً عن تأمين احتياجات السوريين في تركيا بحسب بثينة رحال مديرة المكتب الإداري للجنة.
وتكمل الرحال إن اللجنة تعمل على توعية المرأة السورية بكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والصحية والنفسية، وتقدم تدريبات تعليمية ومهنية ودروس لتعليم القرآن وقراءته وتجويده، إضافة لتدريب محو الأمية للنساء والأطفال الذين ولدوا في تركيا.
تقدم التدريبات سيدات من المنتسبات للجنة كل حسب اختصاصها في قاعة تدريب بمركزهن، بهدف مساعدة السوريات على الاندماج في المجتمع التركي لغة وعادات ومجتمعاً، خصوصا أن القوانين السورية تختلف عن التركية و يجب عليهن تعلمها.
تغيرت حياتها
أحبت فهمية الطحان المشاريع التي تقدمها اللجنة والتي صادف وجودها في المبنى الذي تسكن به في الريحانية، وشاركت معهم في البداية بحلقات تعليم القرآن تطوعاً منذ سنتين ونصف السنة. والآن تشارك بمشروع المونة المنزلية وتصنع المربيات، إضافة لمشاركتها مع البقية بصناعة الزيتون بأنواعه وبعض المخللات بهدف تحسين معيشة أسرتها، تقول “وجدت العمل مع اللجنة حافزاً جديداً للعيش وتعلم أشياء جديدة. انطلقنا منذ مدة قصيرة والنتائج مرضية، مردود جيد لتحسين المعيشة مع انه لا يمكننا الادخار بظل الغلاء، و مشروعنا بحاجة وقت حتى يلقى رواجا لكني راضية عما أنجزناه حتى الآن”.
طريقة اختيار المشاركات
تخضع السيدة التي تود الانضمام إلى مشروع المونة المنزلية لعدة اختبارات للتأكد من توافقها مع شروط المشروع، حيث تقوم مندوبتين من الإدارة بكشف وتفقد نظافة المنزل والأدوات التي يجب أن تستعمل في الصناعة، ويتم اطلاعها على الشروط الصحية التي يجب أن تتوفر في المنتجات والكمية المطلوبة وطريقة حفظها قبل المباشرة بالعمل.
وأحيانا يتابعن سير العمل حتى يجهز المنتج وتكسب السيدة ثقة اللجنة. وتضرب السيدة رحال مثالاً عن ذلك بمنتج دبس الرمان الذي خضع لمراقبة في كافة مراحل إنتاجه من فرطه وطبخه حتى تعبئته موثقاً بصور للإدارة والنشر.
تعمل اللجنة كجهة تسويقية لتأمين الزبائن وبيع المنتجات داخل و خارج إقليم “هاتاي” في المناطق التي ترغب بـ المونة المنزلية السورية مثل اسطنبول وأنقرة وغيرها من الولايات التركية، تخبرنا رحال أن المبيع خارج تركية بحاجة إلى شهادة صحية مرخصة ومراقبة وشروط معقدة تستخدمها المعامل والشركات الكبيرة فقط، وحالياً لا توجد خطة للبيع في الخارج لأن المشروع بسيط بأمل الوصول للسوريين في كل مكان.
في حين تختلف أسعار المنتج بحسب سعر التكلفة وتشرح رحال “كيلو الزيتون الأخضر بست ليرات تركية ويتم بيعه بعشر ليرات بعد تحضيره وتجهيزه للأكل فوراً، نرضى بأرباح قليلة لتغطية النفقات، لكن هدفنا التشاركية بالعمل”.
جودة المنتجات
شاهدت فاطمة الحلو “طباخة سورية” منتجات المشروع على صفحات الفيس بوك فقررت تجربتها، تقول إنها عادة لا تشتري إلا من الأماكن التي تثق بها وبنظافتها، لكنها حين تذوقت منتجات المشروع، شعرت بطعم يماثل ما كانت تحضره في منزلها “فيها نكهة سورية ما بتلاقيها بمكان تاني”.
ورغم انتشار المونة المنزلية بكثرة في الأسواق التركية إلا انها بالمقارنة مع منتجات اللجنة تجدها الأفضل رغم اختلاف أسعارها، تقول الحلو: احترم المبادرة والعاملات بها خصوصاً بعد تجربة المنتجات مثل خل التفاح ودبس الرمان والنعناع المجفف، كانت المنتجات نظيفة رائحتها زكية، إضافة للمربى والمخلل ودبس الفليفلة وعلبة الحلاوة وصلتني المونة المنزلية الشهية مرتبة بعناية، ونصحت كثير من السيدات التركيات بتجريبها ومعظم صديقاتي ينتظرن وصول طلباتهن بعد تجربتي الناجحة.
وبالمقارنة بين أسعار اللجنة وما هو متوفر في الأسواق ترى الحلو أن الأسعار جيدة ومنافسة، مثلاً “سعر علبة دبس الرمان بالسوق خمسة وعشرون ليرة تركية فيها ذرات الحمض الصناعي وخفيف الدبس بمزيجه ولونه رغم تصنيفه من أفضل الماركات، أما منتج اللجنة فسعره أربعين ليرة ولكنها تستخدم نصف الكمية التي تضعها من منتج السوق، طعمه شهي لونه وحموضته طبيعية”.
مشاريع وخطط قادمة
شاركت اللجنة مؤخرا بمشروع رديف مع مشروع المونة المنزلية وهو مشروع تايواني لصنع أشكال من الصوف وتسويقها في تايوان. تعمل النساء في منازلهن قرب أولادهن ويسلمن المنتج في المركز، وبذلك تعتمد السيدة على نفسها في تأمين دخلها دون أن تترك بيتها، تقول الرحال إن هذا المشروع ساعد العائلات التي لا تحصل على كرت الهلال الأحمر الخاص بالمساعدات، حيث يمنح الكرت للعائلات الكبيرة فقط، ناهيك عن تكلفة المعيشة المرتفعة في تركيا، ما جعل المشروع نافذة أمل للمشتركات به لتأمين حياة أفضل.
وتضيف ما تزال إمكانية الانضمام للمشروع متاحة أمام السوريين لاسيما أن مدينة الريحانية من المدن التي يتواجد فيها نسبة عالية منهم، إذ بلغ عدد المهجرين فيها نحو مئة ألف.
تنهي الطحان ترتيب آخر طلبية عمل طلبت منها، ويقوم زوجها بإيصالها إلى المركز على أمل تصريفها والبدء بطلبية جديدة ترفع من مصدر دخلها.
المصدر : فوكس حلب