"صرخة في وجه الرصاص". حكاية الثورة من جدران درعا إلى واقع لا يشبه البدايات
أنجز المخرج السوري الشاب "يوسف الجندي" فيلمه الوثائقي الجديد "صرخة في وجه الرصاص" الذي يتحدث عن الجانب السلمي للثورة السورية منذ أن خط أطفال درعا على جدران المدارس عبارة الحرية، ويسرد الفيلم وهو من إنتاج مؤسسة "Motif Agency"، وإعداد الكاتب "فرحان مطر" حكاية ثلاث شخصيات كان لها الدور الكبير في الثورة السورية، حيث يبدأ الفيلم بأصواتهم التي تعبر عن مطالبهم وتترسم شخصياتهم لتكون المقدمة بمثابة عقد مشاهدة بين الفيلم والمشاهد، وتتداخل حكايات هذه الشخصيات، فيما بينها في الفيلم لترسم صورة الأمل والحلم الذي ما زال حياً في النفوس بعد كل الخذلان والانكسارات التي اعترضت الطريق.
وقال مخرج الفيلم لـ"زمان الوصل" إن فيلمه يحكي عبر 55 دقيقة قصة الصحفي "ناجي الجرف" والفنانتين "مي سكاف" و"فدوى سليمان"، في مواجهة الدكتاتورية بالسلاح السلمي باختلاف أساليبهم، ولكن الهدف واحد هو إسقاط النظام السوري والمطالبة بالحرية التي يناشد بها الشعب السوري.
ويسرد الفيلم -حسب قوله- قصة هذه الشخصيات وحكاية الثورة وبداية تشكلها منذ أن خط أطفال درعا على جدران المدارس عبارة الحرية، والتي شُكّل منها "غرافيك" يرسم صورا وأرشيفا وأقوالا للشخصيات على جدران تشبه تلك الجدران في درعا.
ويخلق سيناريو الفيلم من هذه النقطة المركزية صراعاً ينشأ تدريجياً بين الشخصيات الثلاث والضيوف في الفيلم، فتارة يجتمعون في الحديث عن الثورة لتتحدث الشخصيات الثلاث عن الثورة وأحداثها الجارية وتارة تتم العودة لسرد حكايتهم.
وهذا ما أضاف –حسب الجندي- طرحاً متميزاً في الفيلم، حيث لجأ كاتب السيناريو الكاتب "فرحان مطر" لحيلة التقطير في إلقاء المعلومات، فلا يُلقي بها عن حياة الشخصية دفعة واحدة، بل يقدمها للمُتفرج على مهل، لتكون حكاية الشخصيات الثلاثة في محور واحد.
ولا تعود أهمية الفيلم فقط إلى سرد حكاية الشخصيات فقط، وإنما تم الاعتماد على الجانب الميداني في توثيقها -حسب الجندي- مضيفاً أن "البحث في أرشيف الشخصيات كان في غاية الصعوبة، فليس من السهل حكاية قصة أبطال غير موجودين في الحياة، وخصوصاً أننا لا نستطيع العودة إلى الماضي والتحكم في فنيات التصوير".
وأردف مخرج الفيلم أنه اعتمد على عدد من الشبان الصحفيين الذين درّبهم الشهيد الصحفي "ناجي الجرف" ليتحدثوا عن قصته، مضيفاً أن "بساطة التكنولوجيا في تصوير الشخصيات لم تكن عائقاً فالاعتماد على المضمون كان هو الأهم".
وكشف أنه تعمّد إظهار اهتزاز الصورة في عدسات الهاتف المحمول أو كاميرات الناشطين ليوصل رسالة تظهر مدى بطش النظام السوري في محاربة الناشطين والمثقفين خصوصاً، فكانت الحاجة لتلك الصورة لتحقيق أقصى استفادة من الظروف المتاحة أمامه بتوثيق لحظة تُدين الواقع الذي عاشته تلك الشخصيات.
وجهد صانعو الفيلم الذي عُرض منذ أيام على "التلفزيون العربي" إلى المزج بين حكايات الأشخاص الذين تحولوا إلى أيقونات للثائرين على درب الحرية الطويل والحكاية الأولى وهي جدران درعا.
ولفت "الجندي" إلى أنه أراد الارتقاء في حكاية الثورة السورية وتجسيد تصاعدها البياني منذ اندلاع المظاهرات الأولى في المدن السورية، حتى لحظتنا الراهنة، حيث صار الواقع شيئاً آخر لا يشبه البدايات، وغدا الوطن تحت الاحتلالات المتعددة التي استقدمها النظام.
الجندي لفت إلى أنه اختار الشخصيات التي جسدها الفيلم، لأنها تمثل الوجه الناصع لهذه الحكاية- الحلم, وحتى لو اختلفت طريقة موتهم ولكن لكل شخصية ارتباط بالوطن الذين خرجوا منه مرغمين ومجبرين، فالفنانة "فدوى سليمان" التي لُقبت بالثائرة الحرة والفنانة "مي سكاف"- أيقونة الثورة والفنانة الحرة، وهو اللقب الذي اختاره لها السوريون لأنها بالفعل أيقونة للحرية والكرامة والمبادئ قولا وفعلاً، والصحفي "ناجي الجرف" الذي لقبه الشعب السوري بـ"الخال" لما اتسم به من طيبة وأخلاق ثورية.
وكل هؤلاء -حسب قوله- مثلوا سوريا بألوان طيفها الجميل، وانخرطوا في الثورة الحلم منذ أيامها الأولى، ورفعوا أصواتهم عالياً مع الشعب السوري في نشيده الخالد بحثاً عن وطنٍ تسوده العدالة والحرية والمساواة ويحكمه القانون، الوطن الواحد لكل أبنائه.
وتابع "الجندي" أن "حكاية هؤلاء السوريين الذين ظلوا مؤمنين بسلمية الثورة، وصفائها حتى آخر رمقٍ في حياتهم، هي حكاية ملايين السوريين، في الداخل، وفي المهاجر عبر جهات الأرض الأربع".
فارس الرفاعي
2019-05-10
المصدر: زمان الوصل