التحول الرقمي.. تكنولوجيا المستقبل للمنظمات الإنسانية غير الربحية
بقلم: شافع شعبوق
تعد الرقمنة والتحول الرقمي من العوامل الحاسمة في تطوير المؤسسات الغير ربحية والمنظمات الإنسانية. فقد أصبحت التكنولوجيا تلعب دوراً حيوياً في تحقيق أهداف هذه المؤسسات وتعزيز قدرتها على تقديم الخدمات بطرق أكثر فاعلية وفعالية.
يتيح الانتقال إلى الرقمنة وتحويل العمليات التقليدية إلى أنظمة رقمية فرصاً متنوعة للمؤسسات الغير ربحية. فهو يعزز القدرة على التواصل والتعاون بين فرق العمل المنتشرة جغرافياً، ويسهل عمليات المراقبة والتقييم، ويحسن فعالية الإدارة والتخطيط.
من بين الفوائد الرئيسية للرقمنة والتحول الرقمي في المؤسسات الغير ربحية هو تعزيز قدرتها على جذب التمويل والموارد. فالتكنولوجيا الحديثة تعزز الشفافية والمصداقية في نشاطات هذه المؤسسات، وتوفر بيانات دقيقة وموثوقة عن الأداء والتأثير الاجتماعي. بذلك، تصبح المؤسسات الغير ربحية أكثر جاذبية للداعمين والمساهمين.
علاوة على ذلك، يساهم الرقمنة في تعزيز فعالية خدمات المؤسسات الغير ربحية وتحسينها. فالتكنولوجيا تسهل الوصول إلى المعلومات والموارد اللازمة لتقديم الخدمات بشكل أسرع وأكثر دقة. كما تساعد في توفير حلول تقنية مبتكرة للتحديات التي تواجهها هذه المؤسسات في تقديم خدماتها للمحتاجين وفئات المجتمع المستهدفة.
قد تواجه المؤسسات الغير ربحية بعض التحديات في تحقيق الرقمنة والتحول الرقمي، مثل قلة الموارد المالية والتقنية، وقدرة الموظفين على التكيف مع التغيير. ولذلك، ينبغي أن تعمل هذه المؤسسات على تطوير استراتيجية شاملة للتحول الرقمي تراعي قدراتها واحتياجاتها. يجب أن يكون هناك استثمار في تطوير البنية التحتية التكنولوجية وتدريب الموظفين على استخدام التقنيات الحديثة.
باختصار، الرقمنة والتحول الرقمي في المؤسسات الغير ربحية والمنظمات الإنسانية تمثل فرصة لتحسين أداء هذه المؤسسات وزيادة تأثيرها في المجتمع. وبتكييف استراتيجيات الرقمنة وتطبيق التكنولوجيا الحديثة، يمكن تحقيق تحسينات كبيرة في توفير الخدمات وجذب الدعم والموارد اللازمة.
بناء أرضية التكامل للذكاء الاصطناعي في المنظمات غير الربحية... رحلة لن تكون سهلة على الإطلاق
بناء الأساس لتكامل الذكاء الاصطناعي في المنظمات الإنسانية غير الربحية يعد خطوة أساسية نحو تحقيق التأثير الإيجابي والفعالية القصوى في تقديم الخدمات. قبل الانغماس في تطبيق الذكاء الاصطناعي، يجب على هذه المنظمات إجراء تقييم دقيق لجاهزيتها التنظيمية والتكنولوجية لتبني هذه التقنية المتحولة.
يتطلب تحضير المنظمات الإنسانية الغير ربحية فهماً دقيقاً لبنيتها التحتية التكنولوجية الحالية وقدرات العاملين بها. هذا التقييم يساهم في تحديد النقاط الضعيفة والفرص التي يمكن تطويرها بغرض بناء أساس قوي لاعتماد الذكاء الاصطناعي.
كما يتعين على المنظمات الانسانية الغير ربحية تحديد حالات استخدام الذكاء الاصطناعي المناسبة لأنشطتها. يمكن أن يتضمن ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في تسهيل الوصول إلى المعلومات الحيوية للمحتاجين أو تحسين إجراءات الإدارة والتخطيط الاستراتيجي.
واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجه المنظمات الإنسانية هي معالجة وتنظيف البيانات وضمان الحوكمة السليمة لها. إذ تُعَدّ البيانات الموثوقة والآمنة أساساً لنجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذه المنظمات، ولذا يجب على هذه المؤسسات بناء إطارات عمل قوية لإدارة وحماية البيانات وضمان امتثالها للمعايير الأخلاقية والقانونية.
تكمن أهمية الحوكمة الجيدة للبيانات في توفير رؤى دقيقة وثقة مستدامة بين أفراد المجتمع والشركاء. هذا الجانب يُعَدّ أساسياً في سعي المنظمات الإنسانية لتطبيق التكنولوجيا بطريقة تخدم مبادئها وتعزز مهمتها الإنسانية.
تقديم الخدمات بفعالية أكبر وتحسين التأثير والمساهمة في رفاهية المجتمعات المستهدفة يتطلب تبني استراتيجيات التكنولوجيا بشكل حكيم ومتوازن ومرن مع القيم والأهداف الإنسانية لتلك المنظمات.
هل سيؤدي التحول الرقمي إلى تقليل حاجة المنظمات للموارد البشرية أم سيؤدي بالعكس إلى زيادة الاعتماد عليها؟
يُعَدّ التحول الرقمي مفتاحاً للتطوير والتحسين المستدام للخدمات التي تقدمها المنظمات. إذا أردنا فهم كيفية تأثير التحول الرقمي على حاجة المنظمات للموارد البشرية، فإننا بحاجة إلى فهم عميق للتحول الذي يجلبه هذا الاعتماد على التكنولوجيا وكيف يتفاعل مع القوى العاملة.
التقدم التكنولوجي يتسارع بشكل مذهل، وهذا التطور ينعكس على طبيعة عمل المنظمات غير الربحية. على الرغم من أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل من الحاجة إلى العمالة البشرية في بعض الوظائف الميكانيكية، إلا أن القوى العاملة تظل أساسية في تنفيذ المهام التي تتطلب التفكير الإبداعي والتفاعل الإنساني.
مع التكنولوجيا الجديدة، تزداد الحاجة إلى مهارات جديدة ومتطورة. يصبح العمل مرتبطاً بشكل متزايد بالقدرة على التعامل مع التكنولوجيا والتفاعل معها بذكاء. يُمكن رؤية العديد من المؤسسات تبحث عن موظفين يمتلكون القدرة على استيعاب التكنولوجيا الجديدة والتكيف مع التغيرات السريعة، وعلى الرغم من أن التحول الرقمي يزيد من فعالية بعض العمليات، إلا أنه يحتاج إلى تطوير مستمر واستثمار في تدريب العاملين. التحديات تكمن في التوازن بين التكنولوجيا والعمل البشري. فالتطور التكنولوجي يتطلب الاستفادة الكاملة من القوى البشرية وإتاحة الفرص لتطوير مهاراتها.
أساسيات الحوكمة وإدارة البيانات تُعَدّ أيضاً أموراً حيوية لنجاح التحول الرقمي. المؤسسات تحتاج إلى إطارات قوية لإدارة البيانات وضمان الامتثال القانوني والأخلاقي لاستخداماتها. هذا يضع الضوء على الحاجة المتزايدة إلى الخبرات البشرية التي تستطيع إدارة هذه العمليات.
بالنهاية، يبدو أن التحول الرقمي ليس بديلًا للعمل البشري، بل يعززه ويشكل دافعاً لتطوير المهارات وتقديم الخدمات بفعالية أكبر. إنّه توازن دقيق يحتاج إلى تفهم واستراتيجيات متوازنة تعزز التكنولوجيا والعمل البشري على حد سواء، لتحقيق الأهداف الإنسانية وتحسين الخدمات التي تقدمها المنظمات الإنسانية غير الربحية.