كيف تساعدنا الكتابة على تجاوز الصعوبات والضغوط
يلجأ الناس لاتباع أساليب مختلفة لتجاوز الصعوبات أو المشكلات والصدمات التي قد يتعرضون لها في حياتهم.
وتتعدد الأساليب بين التعرف إلى أصدقاء جدد، أو السفر وممارسة بعض الرياضات وغيرها، فيما يلجأ البعض لتفريغ مشاعرهم السلبية عبر الكتابة.
وترتبط عملية الكتابة بتفريغ هذه المشاعر وعدم كبتها، وهو ما يؤثر إيجابًا في طريقة تفكير الإنسان نفسه.
التفريغ عامل مهم
ترتبط اختيارات الأشخاص لطريقة تجاوز ظروفهم الصعبة بميولهم، سواء كانت أدبية أو اجتماعية أو سياسية وغيرها.
وتعد عملية اختيار ما يناسب ميول الأشخاص عاملًا مساعدًا للمضي قدمًا في الحياة.
وتنصح هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) بممارسة الأمور البسيطة التي تدفع الإنسان للشعور بالسعادة.
وبحسب الهيئة، فإن الاستمتاع بالوقت عامل مهم لتجاوز الصعوبات، بالإضافة إلى الابتعاد عما يبدو ممتعًا لكنه في الحقيقة يجعل الأمور أكثر سوءًا، كشرب الكحول أو تناول الوجبات السريعة.
وقال الباحث الاجتماعي حسام السعد، لعنب بلدي، إن عملية الكتابة والتفريغ مهمة وخاصة في الوقت الذي انخفض فيه مستوى العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
وأوضح السعد أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وهيمنتها على نمط العلاقات أدى إلى انخفاض الصداقات، لذا فالكتابة تساعد على تفريغ المشاعر السلبية.
كما أن الكتابة تساعد على ترتيب الشخص لمشكلاته وقراءة نفسه بشكل أفضل، والتخطيط لحل المشكلات التي يواجهها، بحسب السعد.
وأظهرت دراسة نشرتها الباحثة لاورا كينغ في مجلة “Saga Journals” المختصة بالمشكلات النفسية- الاجتماعية في 2001، أن الكتابة تجعل الناس أكثر سعادة وصحة.
الكتابة لا تعني تكريس الأحداث السيئة
أحد المخاوف التي تدفع الأشخاص لعدم استخدام الكتابة كأداة لتفريغ المشاعر السلبية، هو تكريس الأخيرة في ذاكرتهم، وبالتالي يصبح من الصعب تجاوزها ونسيانها بعد كتابتها.
لكن الباحث حسام السعد يرى في حديثه لعنب بلدي، أن الأحداث والوقائع السلبية التي يواجهها الناس ليست بحاجة إلى الكتابة لتُكرّس، فالإنسان مجبول على العاطفة، وبالتالي فأي حدث خارجي قد يكون مسببًا لتذكر مشكلات أو أمور سلبية.
كما أن عملية كتابة المشاعر السلبية المرتبطة بالمشكلات تؤدي إلى مواجهتها وعدم الهروب منها، وهو أمر مهم لتجاوز المصاعب.
تأثير إيجابي على الصحة الجسدية
وتؤثر عملية الكتابة إيجابيًا على الصحة الجسدية للإنسان لا النفسية فقط.
ونشرت صحيفة “The Guardian” البريطانية تقريرًا، في 24 من نيسان الماضي، أشارت فيه إلى دراسة أجريت في ثمانينيات القرن الـ20، أظهرت أن الكتابة بشكل يومي تساعد كرات الدم البيضاء على التكاثر وتحسين وظائف الرئة والتقليل من ضغط الدم.
وأوضح التقرير أن عملية التفريغ الناتجة عن الكتابة، تمنح مساحة أخرى في الدماغ للتفكير بالأمور الأخرى.
كما أنها تظهر الصفات الجيدة في الإنسان وأهمية أشخاص معينين في حياته.
للكتابة شروط
ليس بالضرورة أن تكون الكتابة وحدها القادرة على مساعدة الإنسان في تجاوز الصعوبات، إذ إن الأساس في عملية تفريغ المشاعر السلبية هو اللجوء إلى الأفعال المحببة للشخص نفسه.
وفي نصائح هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS)، توجد أيضًا خطوات تتعلق بالحصول على حياة صحية وممارسة التمارين الرياضية.
الدكتور في علم الاجتماع طلال المصطفى، قال لعنب بلدي، إن اختيار الكتابة يعود إلى اهتمامات الإنسان واتجاهاته، فإن امتلك ميولًا ثقافية وفكرية أو مشروعًا ثقافيًا، يتحول الأمر لديه إلى ما هو أبعد من التفريغ باتجاه تجسيد المشروع والتعبير عن رؤية الإنسان.
وأضاف المصطفى أن من لا يمتلكون هذه الميول، تكون الكتابة بالنسبة لهم أمرًا موسميًا يتعلق بتفريغ مشاعرهم السلبية في مناسبات محددة.
المصدر: عنب بلدي