«إصلاح ذات البين» لحل الخلافات شمال غربي سوريا
أطلق مجلس الصلح العام ومجالس العشائر، في شمال غربي سوريا، مبادرة تحت اسم «إصلاح ذات البين» لحل سلسلة من المشكلات المجتمعية، بمناسبة اقتراب عيد الفطر، بعد تصاعد ظاهرة الخلافات العائلية والمناطقية واستخدام السلاح الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى وقوع قتلى وجرحى.
تأتي مبادرة مجلس الصلح العام والمجالس العشائرية والجهود المبذولة لحل الخلافات الفردية وتمتين الروابط الاجتماعية، التي تقوم على الاتفاق والمحبة والتسامح، بعد تصاعد وتيرة المشكلات الاجتماعية مؤخراً، التي غالباً ما يُستخدم فيها «السلاح المنفلت» بأيدي المدنيين، وتتسبب بوقوع قتلى وجرحى، كان آخرها حادثة القتل التي وقعت قبل أيام، في منطقة أطمة، 50 كيلومتراً شمال إدلب، إثر خلاف عائلي على قطعة أرض للبناء، خلفت 5 قتلى وعدداً من الجرحى من الطرفين. وقبلها عشرات الحوادث والنزاعات والقتل في أكثر من منطقة بشمال غربي سوريا.
ويشير المتابعون للأوضاع الأمنية والاجتماعية في شمال غربي سوريا إلى أن تصاعد وتيرة المشكلات الاجتماعية وحوادث القتل يعود إلى جملة من الأسباب، وفي مقدمتها الحالة النفسية المتدنية لدى غالبية سكان المنطقة، نظراً لضيق العيش ومحدودية المساحة مع الكثافة السكانية نتيجة النزوح لأسباب مختلفة، سواء في المخيمات أو المدن وفي الأسواق. كما أن استخدام السلاح المنفلت بأيدي المدنيين من دون رادع يساهم في تفاقم الأحداث وبلوغها حد التسبب بالأذى الجسدي أو القتل. كما لا يمكن تجاهل العوامل النفسية التي خلفها الزلزال المدمر في نفوس الناس، بعد تركهم منازلهم المدمرة أو الآيلة للسقوط ولجوئهم إلى مراكز الإيواء التي تخلو في كثير من الأوقات من الخصوصية، بسبب حالة الازدحام والاكتظاظ. وأسفرت مبادرة «مجلس الصلح العام» في شمال غربي سوريا مؤخراً، بعد جهود حثيثة، إلى حل الخلاف الذي وقع مؤخراً بين عوائل مُهجرة من منطقة المعضمية بريف دمشق وأهالي منطقة عنجارة بريف حلب، وأدى إلى وقوع قتيل في منطقة جنديرس بريف حلب.
يقول حسن أبو زيد، مدير العلاقات العامة في «مجلس الصلح العام»، ومقره إدلب، أنه «بناء على العلاقة الجيدة وعامل الثقة بين المجلس والمجتمع ونجاحه سابقاً في حل مئات الخلافات، كثف أعضاؤه مع شهر رمضان هذا العام، الجهود الهادفة إلى إطلاق مبادرة إنسانية، تهدف إلى حل أكبر عدد من المشكلات المجتمعية، وأهمها قضايا القتل والخلافات المعقدة، وذلك للوصول إلى حالة مجتمعية مستقرة وآمنة، انطلاقاً من الواجب والحس الإنساني تجاه أهلنا». وأوضح أنه ما يزيد عن 100 مكتب تنتشر في مختلف مناطق شمال غربي سوريا، تعمل كخلية النحل، وبجهود منقطعة النظير، في حل الخلافات بمختلف أشكالها، بدءاً من الخلافات العائلية والتجارية والمناطقية، وأيضاً حوادث القتل، وقد نجحت فرق وأعضاء المجلس بحل مئات المشكلات من هذا النوع، تزامناً مع اقتراب عيد الفطر.
وفي الوقت الذي يقود فيه محمود الماضي، وهو أحد الرموز العشائرية في قبيلة «النعيم»، وعضو مجلس الصلح العام، مع باقي أعضاء فريقه، سلسلة من المفاوضات الصلحية بين أطراف متخاصمة حول خلافات مادية وأخرى عقارية تزامناً مع اقتراب عيد الفطر، فقد نجح في غضون أيام قليلة في فضّ النزاع وتسوية الخلافات بين 4 أطراف متخاصمة.
ويقول في مقدمة حديثه عن مبادرته إنه «انطلاقاً من قوله تعالى (إنَّما المؤمِنونَ إِخوةٌ فأَصْلِحُوا بينَ أَخَوَيكم واتَّقُوا اللهَ لعلكم تُرحمون)، بادرنا مؤخراً إلى تكثيف حملة الإصلاح بين الناس وتهدئة النفوس، لضمان عدم توسعها أو تطورها إلى خلافات كبيرة. وقد توصلنا خلال الأيام الأخيرة الماضية إلى حل كثير من المشكلات، التي من بينها خلافات على أراضٍ زراعية وأخرى مالية، بصورة ودية ورضائية بين كل الأطراف».
وبعد عام استطاع الشاب، الذي نعرف عنه بالحرف الأول «م» (28 عاماً)، وهو مُهجر من ريف حلب الجنوبي، ويقيم في مخيم البركة بريف إدلب، لمّ شمل زوجته مع أطفاله، وكانت قد لجأت إلى أهلها عقب مشكلات زوجية كادت تؤدي بينهما إلى الطلاق. لكنه يستعيد الآن بهجة اللحظات الأولى عند لقائه بزوجته وأطفاله، بعد نجاح أحد المجالس الصلحية في المنطقة بحلّ خلافه مع الزوجة، الذي دام لأكثر من عام.
المصدر: صحيفة الشرق الاوسط