بعيدا عن المراقبة .. أطفال العصر الحالي ليسوا أهلا لثقة آبائهم وامهاتهم | صدى
دعاء الجبان
عندما نتحدث عن مسار حياة الأطفال، أن التربية هي التي تحدد نوعية تلك المسارات والتوجهات، فإما تكون تربية صحيحة وسليمة فيكون مسارات أبنائنا مستقيمة، وإما أن تكون تربية فاشلة ينتج عنها انحرافات ومطبات وربما توقفات طويلة بسبب فشل الوالدين في تحدي واجباتهم
على أكمل وجه
تبنى التربية الحديثة على الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء كأسلوب للتربية الإيجابية. ويتفق خبراء التربية والعلاقات الأسرية على أن أساس التربية الناجحة للأطفال يقوم على منحهم الثقة والتقرب منهم لتربيتهم تربية سليمة. لكن تبيّن أن الغالبية العظمى من أطفال العصر الرقمي ليسوا أهلا للثقة التي يمنحها لهم آباؤهم وأمهاتهم، حيث أنهم غالبا ما يعمدون إلى إحباط توقعاتهم وكتمان الكثير من الأسرار عليهم رغم سعيهم الدؤوب إلى كسب ثقتهم وصداقتهم.
وعلى الرغم من حرص الكثير من الآباء والأمهات على منح الأبناء مساحة من الحرية لإبداء آرائهم وسط جو من الثقة والاحترام، إلا أنه تظل لديهم في غالب الأحيان العديد من الأسرار التي يفضلون كتمانها عنهم رغم مضارها السلبية. وتكون أغلب هذه الأسرار ناتجة عن علاقاتهم الافتراضية التي يقيمونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تهددهم في أغلب الأحيان وتعرضهم إلى مواقف خطيرة. وإذا لم يتفطن لها الوالدان، وإذا تم ذلك يكون بالصدفة، فقد تكون نتائجها وخيمة على الطفل نفسيا وجسديا.
الآباء ببعض السلوكيات غير المقبول
أبنائهم مثل مشاهدة محتويات إباحية أو تبادل الرسائل الغرامية ما بين صبيان وبنات أو إرسال صور غير لائقة والانشغال عن تحصيل الدروس وإلى غير ذلك من سلوكيات تزعج الآباء والأمهات كثيرا، وتكون سببا في عقاب الأبناء وحرمانهم من الهواتف الذكية أو منعهم من استخدام الإنترنت، مما يجعلهم يدخلون في صدام وصراع معهم في أحيان
كثيرة
و لكي نتعامل مع تلك المشكلة علينا منذ البداية
خلق قواعد لكافة الأمور التي ترغب الأسرة في ضبطها مع الأبناء، ومراعاة أن يسود جو من الألفة والحوار بين كافة أفرادها مهما كانت انشغالاتهم الأسرية كبيرة”. وتشدد الخبيرة النفسية على ضرورة متابعة الأبناء ومعرفة أصدقائهم والإرشاد المستمر لهم وتشجيعهم حول سلوكياتهم الإيجابية وتصحيح الخطأ لهم والتسامح عند ورود خطأ مع المتابعة وعدم اللجوء إلى العقاب القاسي.
كمان أن غرس الثقة ومحاولة إصلاح الأبناء لا يتمان بالكلام المجرد والنصائح الطويلة والحوار المنطقي والإقناع، فهناك عدة خطوات تتعاون معًا لتحقيق هذا، أولاها إزالة مسببات الخوف والرهبة عند الأبناء، وذلك بامتناع الوالدين عن وسائل العقاب المعتادة بكل أنواعها من مادي ومعنوي وعن وسائل التهديد واللوم لأن كل هذا يثير الخوف لدى الأبناء ويهدم الثقة بأنفسهم، بعدها يأتي دور مصادقة الأبناء، فتعد أمرًا ضروريًّا في بناء ثقة الابن بنفسه في كل المراحل العمرية التي يمر بها، ذلك أن أسلوب الرهبة الذي اعتدناه في وسائل التربية القديمة لا يجدي أبدًا في غرس الثقة.
فمن المؤكد أن كل الآباء والأمهات يحبون أبناءهم بلا شروط، لكن الأبناء لا يعلمون ذلك ويرون عكسه، لذا قل لطفلك دائمًا إنك تحبه لشخصه ولأنه ابنك لا بشروط كأن يتفوَّق أو يطيعك، ثم التفهم، وهو من الأمور الضرورية في بناء الثقة، إذ إن وجهة نظر ورؤية الوالدين تختلف عن الأبناء كليًّا، فيجب على الآباء النظر إلى الأمور من منظار الأبناء، والاستماع إليهم أكثر من إعطاء النصح.
ويأتي دور القدوة، ولا يمكن تحقيقها إلا أن يكون الأب والأم أهلًا لها وقدوة في التعامل والعادات والسلوك والأفعال، فلا تتوقَّع أن ينفِّذ الأبناء سلوكًا معينًا وهم يرون الوالدين لا يفعلونه، بعدها يأتي الاحترام المتبادل بين الوالدين والأبناء، فلا ينبغي أن يعامَل على أنه مجرد طفل، بل كإنسان له شخصيته ومشاعره وأفكاره، وأكثر الآباء يطالبون الأبناء باحترامهم، وهذا لا يأتي إلا إذا احترموا أولادهم أولًا، كذلك لعب الآباء مع الأبناء يقوِّي الثقة والعلاقة بينهما ويزيد من الألفة، وكذلك مشاركتهم اهتماماتهم وتشجيعهم