“تحضين البذار” وسيلة مزارعي إدلب للحصول على مواسم مبكرة
يسابق مزارعو إدلب الوقت لضمان الحصول على أكثر من موسم زراعي خلال العام الواحد، لكن تأخر الموسم الشتوي في بعض الأوقات، يضعهم أمام إشكالية تأخر زراعة الموسم الصيفي وانخفاض مردوده، ما يدفعهم للاعتماد على “تحضين البذار” للنباتات الصيفية في مشاتل خاصة بهدف كسب الوقت واغتنام الموسم منذ بدايته.
شكلت تلك الطريقة مصدر رزق لعشرات العاملين ضمن مشاتل البذار، وساعدت المزارعين باستغلال الوقت للحصول على مواسم مبكرة تضمن لهم أسعاراً أفضل.
يخلط مصطفى النادر “صاحب مشتل” التراب مع السماد العضوي بنسب محددة قبل تعبئته في أكياس البلاستيك التي سيستعملها لـ “تحضين البذار”.
ويقول النادر “إن العملية تبدأ باختيار بذار النبات التي يريدها المزارع، إذ يتوفر في السوق عدة أصناف من البذار تختلف أسعارها باختلاف إنتاجها، مثل الهجين وبنت الهجين والبذار المحلية”.
يضع النادر حبتين من البذار ضمن الكيس البلاستيكي الذي تم ملؤه بالتراب والسماد العضوي، ثم يرصف تلك الأكياس قرب بعضها البعض بشكل متناسق، ويتم تغطيتها بسقف بلاستيكي لعزلها عن المناخ الخارجي وحمايتها من الصقيع، مع استمرار سقايتها بالماء كل فترة لزيادة الرطوبة التي تمنح البذار سرعة في الانتباج والنمو.
يقول النادر ” إن تلك الطريقة تمنح المزارعين وقتاً كافياً لاستغلال موسمهم الشتوي وتساعدهم على انتظار نضوج الثمار بشكل كامل، مع ضمان زراعة الأرض بموسم صيفي دون أي تأخير، فالبذار التي تزرع اليوم ضمن الكيس ستبقى في المشتل حتى انتهاء المزارع من موسمه الشتوي وتجهيز الأرض للزراعة الجديدة، ليتم نقلها بعد أن تصبح شتلة بعمر نصف شهر، وبالتالي يتدارك المزارع الوقت الذي خسره بتجهيز الأرض.
وجد بعض الأهالي في هذه العملية فرصة عمل فبات يزرع عدة أصناف من البذار ويبيعها في وقت لاحق للمزارعين بسعر يتراوح بين أربعين إلى خمسة وسبعين قرشاً تركياً، حسب نوع البذار وعمر النبات، إذ تباع الشتلة الكبيرة بسعر أكبر بسبب التكلفة التي يدفعها المزارع أثناء فترة الحضانة مثل الري والتسميد.
تصبح بعض البذار نباتات جاهزة للنقل للأرض الجديدة بعد عشرة أيام في حين يحتاج بعضها لعشرين يوماً حيث تتطلب اهتماماً أكبر.
يلعب نوع البذار دوراً هاماً في تحديد سعر النبات، بحسب النادر، ويشرح العملية بقوله “سعر ظرف بذار الخيار الهجين ثمانية وعشرين دولاراً بينما لا يتجاوز سعر ظرف البذار العادي خمس دولارات” ويرجع النادر سبب تفاوت الأسعار لجودة إنتاج كل نوع وكميته وضمان خلو البذار من الأمراض الفطرية.
يرى من التقيناهم من المزارعين أن الأسعار مرتفعة وتزيد من التكاليف التي يدفعها الفلاح، لكن النادر يبرر ارتفاع السعر، يقول “إن التكلفة لا تتوقف عند ثمن البذار فسعر كيلو أكياس البلاستيك يبلغ نحو ثلاثين ليرة تركية، ويكفي لمئتين وثمانين شتلة، يضاف إليها تكلفة الأسمدة والمبيدات والري والعزل بالغطاء البلاستيكي”.
يتعرض المزارع في بعض الأوقات للغش من قبل الباعة أصحاب البيوت البلاستيكية، الذين يعمدون لاستعمال بذار سيئة ذات مردود منخفض وبيعها على أنها بذار هجين بهدف زيادة أرباحهم ما يعرض المزارع لخسارة موسمه كاملاً، كما يلجأ عاملون في المهنة لاستعمال الأسمدة بطريقة مفرطة لزيادة نمو النبات وبيعه بسعر أكبر ما ينعكس سلباً على تلك النباتات بعد نقلها لأرضها الجديدة وقد يؤدي لاصفرارها وموتها.
خسر عمار عبد الرحمن “مزارع” موسم عشر دونمات كوسا زرعها في العام الماضي نتيجة شرائه نباتات ذات مصدر سيء، يقول إن البائع أكد له أن بذار النبات ممتازة، لكنه تفاجأ بعد مدة بأنها من النوع السيء ذي المردود الضعيف، إذ لا يمكن للمزارع تمييز نوع البذار إلا عند نضوج النبات”.
قرر عمار اختيار بذاره بنفسه هذا الموسم وزراعتها بيده ضمن مشتل صغير لضمان الحصول على نباتات جيدة.
يفضل من التقيناهم من المزارعين “تحضين البذار” ضمن المشاتل على الزراعة التقليدية التي تعتمد على وضع البذار في التربة بشكل مباشر، إذ تتلقى عناية جيدة ضمن فترة الحضانة التي تنبت فيها ضمن الأكياس، الأمر الذي يكسبها قوة تبشر بمحصول جيد كما أن البيوت البلاستيكية تمنع الديدان والطيور من الوصول للبذار وتضمن انتاشها .
المصدر : فوكس حلب