"رايتس ووتش" تطلب تفعيل "الإطار الحقوقي" لدخول المساعدات الإنسانية لسوريا
قالت "هيومن رايتس ووتش" في رسالة وجهتها إلى وكالات "الأمم المتحدة" التي طوّرت المبادئ الحقوقية، إنّ على هذه الوكالات تفعيل الإطار الحقوقي الذي وضعته المنظمة الأممية في سوريا في خططها للمساعدة، مشددة على الجهات المانحة البارزة لدعم هذا الجهد في اجتماعها في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وأوضحت المنظمة أنه نظرا لبيئة العمل الصعبة لمجموعات الإغاثة في سوريا، قادت "إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام" بالأمم المتحدة و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" تطوير "معايير ومبادئ الأمم المتحدة للمساعدة في سوريا"، وهو إطار قائم على حقوق الإنسان ينبغي أن يطبق على جميع وكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا، متحدثة عن موافقة الأمين العام على المبادئ التوجيهية، لكنّ الأمم المتحدة لم تتخذ أي خطوات مجدية لدمجها في برامج المساعدات السورية.
وقالت سارة الكيّالي، باحثة سوريا في هيومن رايتس ووتش: "سبق أن طوّرت الأمم المتحدة إطارا يمكن أن يساعد وكالات الإغاثة في ضمان قدرتها على العمل في سوريا وفقا لمبادئ حقوق الإنسان. لكن بدلا من الاعتماد على هذا الإطار، يبدو أنّ الأمم المتحدة رمته في زاوية منسية بينما تواصل نضالها الشاق لتقديم المساعدة الإنسانية المبدئية في سوريا."
وذكرت أنه منذ بداية الصراع في سوريا، وضعت الحكومة السورية إطار عمل للسياسات وقانوني يسمح لها بتحويل المساعدات الإنسانية لتمويل الانتهاكات، ومعاقبة مَن تعتبرهم معارضين، وإفادة الموالين لها. قيّدت وصول منظمات الإغاثة إلى المجتمعات المحتاجة، ووافقت بشكل انتقائي على مشاريع المساعدات، وفرضت شروطا للشراكة مع الجهات الفاعلة المحلية المرتبطة بالأجهزة الأمنية السورية المسيئة.
ووفق المنظمة، تتطلّب مبادئ الأمم المتحدة من وكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا أن تنظر بعناية في تداعيات إجراءاتها على حقوق الإنسان والحماية، لا سيما في تحديد مكان وكيفية تقديم المساعدة، ومنع تقديم المساعدة للأطراف التي يُزعم أنها ارتكبت جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
كما تنصّ المبادئ على تقديم مساعدات الأمم المتحدة من دون المساس بأهداف المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. في أكتوبر/تشرين الأول، أكدّ "الفريق العامل المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال" مبادئ الأمم المتحدة ومعاييرها كمثال على كيفية التقدم في التخطيط للمساعدة في بيئات ما بعد النزاع.
وذكرت أت قيود حكومة النظام امتدت على مجموعات الإغاثة لتشمل المساعدة في ظلّ تفشي فيروس "كورونا"، في حين وجدت هيومن رايتس ووتش أن وكالات الإغاثة لا تزال تواجه عقبات كبيرة طويلة الأمد في نقل المواد والطواقم من دمشق إلى المناطق خارج سيطرة الحكومة في شمال شرق سوريا، وكذلك داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بما فيها التأخير في السماح بنقل شحنات المساعدات، وعوائق جمع عينات الفحوصات، والتوزيع التمييزي للمعدات الشخصية الوقائية.
وفي يوليو/تموز 2020، نشرت "أوكسفام" و"المجلس النرويجي للاجئين" تقريرا يصف أيضا الصعوبات التي تواجهها المجموعتان عند العمل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. تشمل هذه العقبات البيروقراطية التي قد تؤدي إلى شهور من التأخير، وصعوبات في التفاوض على أنواع معينة من الأنشطة الإنسانية مع السلطات الحكومية، والقيود المفروضة على التعامل المباشر مع المجتمعات، ونقص التمويل اللازم لرفع مستوى العمل بسرعة.
أصبح الوضع أكثر إلحاحا مع إغلاق ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة التي أذن بها سابقا "مجلس الأمن الأممي". كانت وكالات الأمم المتحدة تعتمد على المعابر لتسليم المساعدات إلى المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية، لكنها تعتمد الآن بشكل متزايد على تعاون الحكومة السورية لإيصال المساعدات إلى هذه المناطق.
وأظهر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير/شباط لتقييم تأثير عمليات إغلاق الحدود أنّ مجموعة من العقبات البيروقراطية في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020 تجعل "التسليم عبر الحدود للمواد الطبية ... مقيدا بشكل خاص". قال أيضا إن العمليات من دمشق لم تعوّض عن إغلاق العمليات عبر الحدود.
وحثت هيومن رايتس ووتش برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام في رسالتها على ضمان إدراج المبادئ والمعايير في خطط المساعدة السورية لكل وكالة من وكالات الأمم المتحدة المعنية، بما فيه عن طريق:
وشددت على ضمان أن جميع الوكالات تدمج هذه المبادئ في عملياتها، بما في ذلك على مستوى تصميم البرامج، والمشتريات، وتطوير العروض، ومراحل التقييم، ومراقبة التقدم المحرز في التنفيذ؛
وطالبت موظفي وكالات الأمم المتحدة في سوريا برفع تقارير منتظمة وشفافة عن المشاكل التي يواجهونها إلى الفريق العامل المعني بالمبادئ والمعايير، وهو فريق متعدّد التخصّصات ومكلّف بمراقبة الالتزام بالمبادئ والمعايير.
وأكدت على ضرورة الحرص على قدرة موظفي الأمم المتحدة الإقليميين، ومجموعة الاتصال بين المنظمات الإنسانية والجهات المانحة، والجهات الفاعلة الخارجية على إحالة المشاكل المتعلقة بالعمليات الإنسانية إلى الفريق العالم، والتأكد من أن الفريق العامل يجتمع بانتظام ويضع خططا جماعية لحل المشاكل، بتوجيه ودعم الجهات المانحة والخبراء الخارجيين.
وقالت الكيّالي: "بين تفشي فيروس كورونا وتعطيل الإغاثة عبر الحدود، أصبحت الحاجة إلى المساعدة الإنسانية في سوريا أكبر من أي وقت مضى. ولكن بتجاهلها المشاكل التي تواجه العمليات الإنسانية، تخاطر الأمم المتحدة والجهات المانحة بتفاقم هذه المشاكل وتعذّر وصول المساعدة لمَن هم في أمس الحاجة إليها".
المصدر : شبكة شام