الإجابة النموذجية
تعلمت منذ صغري أنه عندما تسأل المعلمة سؤالًا يجب ان أجيب عليها إجابةً كما يجب، أو بمعني آخر إجابةً نموذجية على الرغم أنني لم أكن أعرف معنى كلمة “نموذجية”، ولكن قيل لي أنها الإجابة المطبوعة في الكتاب، لا نقص لحرف فيها أو زيادة، ويجب عليّ أن أحفظها عن ظهر قلب. وهكذا أكون لدى كل الإجابات النموذجيه لكل امتحان أو سؤال، حينئذ أحصل حتمًا على الدرجات النهائية وأنال الحظوة والاستحسان لدى الكل.
كنت أحفظ كل الإجابات بلا زيادة أو نقصان حتى كانت تطاردني الإجابات أثناء النوم وأقولها عن غير دراية، وعندما كبرت وتهتُ في بحر تجارب هذا العالم، وجدت أسئلةً كثيرة في حياتي، تحتل مكانًا بعقلي، تبحث عن نموذج إجابه لأرتاح قليلًا من همي وحيرتي. ووجدت نفسي أمام امتحانٍ عسير، لا أقوى فيه على الإجابة أو حتى التفكير. تحدثت إلى من حولي وسألتهم ماهي الإجابه؟ لماذا؟ متى؟ كيف؟ أين؟ لم ينطق أحد. سكت الجميع، لا أعلم سبب سكوتهم؛ هل سكتوا من جهل أو عن خجل أو خوف على مشاعري أو من أسباب أخرى؟!
تذكرت فجأة الأحداث التي كنت لا أجد لها مبرر ولا سبب؛ فأنا حزنت لرحيل الأصدقاء والأحباب، تأسفت للحظات الفشل واليأس، تنهدت من ساعات الملل والفراغ، تحيرت من لؤم وغدر الرفاق، وتعجبت من أصل وشهامة بعض الأعداء، كدت أجن من فرط ووفرة الأشياء التي أتمتع بها، وقلقت من نضوب الأشياء التي أفتقدها. خفت من آلام الفقدان وفرحت بلهفة اللقاء، تنفست الصعداء بعد صدمات الرعب والفزع، تذكرت ما كنت أشعر به خلال هذه الأحداث وراودتني ذكريات تلك المشاعر المصاحبة لما حدث وظهرت على وجهى علامات الخوف والابتسامة والغضب والحزن والسعادة، أنتابت وجههي تعبيرات مختلفة تلي بعضها البعض. وأخيرًا تسالت: لماذا؟ لماذا الغدر ولماذا الفزع ولماذا اليأس ولماذا الندرة والوفرة في حياتنا؟ وظلت كلمة لماذا تتردد في عقلي ولا تجد أي إجابة! مرت أمام عيني أحداث كنت أعجز عن تفسير أسبابها، كنت أريد أن أسمع تبرير من أي أحد ليريح قلبي، ولكن بلا جدوى.
وبعد رحلة بحث مضنية شعرت بارتياح، وجدت مرادي الذي بحثت عنه كثيرًا وسط أشلاء اليأس والحيرة. أيقنت أنه ليس هناك شيئ يسمى إجابه نموذجيه، ليس هناك شيء كامل نموذجي، ليس هناك إجابه وافيه شافية قاطعة لكل ما يحدث في الحياة. ليس كل ما تريد أن تعرفه ستصل حتمًا إلى معرفته. الحياة ليست بهذه السذاجة ولا بهذه البساطة.
الإجابات النموذجية ليس لها وجود في عالمنا، الكل يجيب حسب خبراته حسب حياته حسب معتقداته، حسب ما يريد.
صدمتي لن تكن في اكتشافي لعدم وجود الإجابة النموذجية فقط ولكن صُدمت عندما لم أنل الدرجات النهائية كما كنت معتادة!
تدوينة: مريم أنيس
المصدر: مدونات أراجيك - Arageek Blogs