بين التمكين والتثقيف... وطن تدعم تأسيس جمعية مزارعي الزيتون في ريف ادلب
في مساحة شاسعة من ريف إدلب، حيث تنتشر أشجار الزيتون في المناظر الطبيعية مثل الأجرام السماوية في سماء الليل، يقيم الحاج مصطفى، وهو مزارع من بلدة كللي. ويتحدث مصطفى البالغ من العمر 63 عاماً بعينين تحملان ثقل السنين، معبراً: “أنتظر موسم الحصاد كل عام. أرضي الزراعية هي أساس رزقي ورفاهيتي، وتضمن كرامتي وتلبية احتياجاتنا اليومية”.
مع تصاعد التحديات التي يواجهها المزارعون في ريف إدلب، يلوح شبح القيود المالية بشكل كبير خلال موسم قطف الزيتون. هذه حقيقة يشاركها الحاج مصطفى مع زملائه المزارعين في كللي الذين ادخلوا إلى مشروع “وطن”، الذي كان كمنارة الأمل والدعم لمنتجي الزيتون والخضروات في هذه المناطق، وكان هذا المشروع إيذانا بمبادرات تعيد تعريف مشهد الاستدامة الزراعية.
بصيص أمل تجلى في تأسيس جمعية مزارعي الزيتون في بلدتي كللي وكفرعروق بريف إدلب، في شهادة على التزام “وطن” بتمكين المزارعين المحليين. حيث تلعب هذه الجمعية، التي تضم أكثر من 476 مزارعًا، دورًا حيويًا في تقديم الدعم المستمر، مما يعكس مشاعر المسؤولية المشتركة بين المجتمع الزراعي.
بالنسبة للحاج مصطفى، أحد المستفيدين من هذا المشروع الرائد، كانت وطن أكثر من مجرد شريان حياة – إنها شريك في الرخاء، فهي تقدم له خدمات الحصاد المجانية والاستفادة من معايير الجودة العالية في استخراج زيت الزيتون، ليس فقط كمساعدة ولكن كمساهمة في تعزيز القدرة التنافسية للمزارعين في السوق المحلية.
مسلطاً الضوء على أهمية التثقيف والتوعية في الحفاظ على موسم الزيتون، يشارك مصطفى حماسه لفريق منظومة “وطن”. قام هذا الفريق، المكون من خبراء، بزيارة أرض مصطفى، حيث قدم له رؤى حول الوقاية من الأمراض واستراتيجيات مكافحتها، وأظهر تفاني فريق وطن له ما يتجاوز الدعم الملموس.
ويقول مصطفى: “لم تكتف المنظمة بتقديم الخدمات التعليمية فحسب، بل قامت بدعوتنا لحضور دورات تدريبية حول أهمية شجرة الزيتون وطرق المحافظة عليها”. وقد عززت الجلسات العملية داخل الأراضي الزراعية المعرفة اللازمة لحماية الحصاد السنوي.
ومع ذلك، فإن دعم وطن يمتد إلى ما هو أبعد من التعليم؛ ويشمل الخدمات الزراعية الحيوية. خدمات حرث الخريف للأراضي الزراعية، وهي عمل بسيط على ما يبدو، لها آثار عميقة على ضمان الإنتاج المستقبلي الذي يلبي الاحتياجات المتطورة للمزارعين.
يعبر الحاج مصطفى عن امتنانه قائلاً: “كان هذا الدعم بمثابة الأمل بالنسبة لي. إن الأموال اللازمة لدفع أجور العمال في قطف أو استخراج زيت الزيتون تُستخدم الآن لتلبية احتياجات أسرتي وتأمين تعليم أطفالي. وبهذا، أنا أتوقع الوصول إلى إنتاج وفير من محصولي السنوي.
مشروع “وطن” يبرز كمنارة مضيئة، تخترق ظلام حياة المزارعين في كللي وكفر عروق. وبعيدًا عن توفير الجهد والمال، فإنه يصبح شهادة على التضامن الإنساني، وشريان حياة لأولئك الذين تعتمد سبل عيشهم على خيرات الأرض في شمال سوريا.
من خلال عرض قصص النجاح، لا تكتفي “وطن” بسرد الحكايات فحسب؛ فهي تمد الأيدي لتزرع بذور الأمل والاستقرار، وتبني الجسور التي تربط المجتمع بالأرض، والأرض هي التي تروي قصة البقاء والاستمرارية المؤثرة.بينما نسدل الستار على هذه القصة الملهمة، لا تزال هناك صورة باقية، وهي لوحة فريدة من حقول إدلب، تمس قلوب مزارعيها. “وطن”، منبع الأمل والتغيير، لا ترفع الأعباء المالية فحسب، بل يشعل شرارة الإبداع والكرم في قلوب من تلاميهم.