لأجل صحة مستدامة... إعادة تأهيل أنظمة الصرف الصحي شمال غربي سوريا
في ساعات الصباح الهادئة من يوم 6 فبراير 2023، تغيرت حياة الشعب السوري بشكل لا رجعة فيه، ولكن هذه المرة لم يجلب التغيير سوى الحزن. هز زلزالان كارثيان المناطق الشمالية الغربية من البلاد، مما أضاف فصلاً مأساويًا آخر إلى التاريخ المضطرب لأمة تعاني من صراع طويل الأمد.
ارتفعت هذه الموجات الزلزالية وتموجت عبر الأرض، لترسم لوحة قاتمة من الدمار عبر المناظر الطبيعية في حارم وجسر الشغور. لكن العواقب امتدت إلى ما هو أبعد من نطاق الخراب البنيوي والاقتصادي، فتعمقت في قلب البيئة الطبيعية، وهددت توازنها الهش. ومع انحسار موجات الصدمة الأولية، أصبحت العواقب البيئية المروعة واضحة بشكل مؤلم ــ تهديدات لا يمكن تجاهلها، وأسئلة تلوح في الأفق حول صحة الناس وسلامتهم، واستدامة البيئة نفسها.
وامتدت هذه التداعيات من حطام البنية التحتية للصرف الصحي والمياه إلى شبح المخاطر البيئية والصحة العامة الذي يلوح في الأفق. ومع ذلك، وسط هذا الظلام، ظهرت منارة الأمل على شكل “وطن”، التي تحملت مسؤولية إعادة بناء المجتمعات الممزقة مع الحفاظ على بيئتها.
انطلقت “وطن” في مهمتها لإصلاح الأزمة البيئية من خلال برنامج المياه والصرف الصحي، وهي مبادرة مخصصة لتقييم حالة شبكات الصرف الصحي والمياه في مناطق حارم وجسر الشغور المنكوبة شمال غربي سوريا. وتم نشر فرق هندسية متخصصة لبدء العملية المضنية لإعادة تأهيل هذه الأنظمة المتضررة، واستعادة شرايين الحياة الأساسية إلى قلب المجتمعات.
وأكد عبدالله المحمد، أحد مهندسي المشروع، أن العديد من الأضرار التي لحقت بشبكات الصرف الصحي كانت مخفية في البداية، محذراً من مشاكل محتملة قد تظهر تدريجياً في الأيام القادمة، قد تحمل أمراضاً وأوبئة عابرة بسبب الوضع المتدهور. من هذه الأنظمة.
لكن “وطن” لم تحصر جهودها في مجرد إعادة تأهيل البنية التحتية؛ وامتد التزامها إلى تعزيز الصحة العامة والتخفيف من المخاطر التي تشكلها مشاكل الصرف الصحي التي لا يمكن التنبؤ بها في بلدات وقرى ريف إدلب.
وفي هذا السياق، شرعت “وطن” في مشاريع طويلة الأجل وعدت بنتائج مستدامة، بما في ذلك أنظمة إمدادات المياه وشبكات الصرف الصحي والمبادرات الشاملة لإدارة النفايات الصلبة، والتي شملت المهمة الحاسمة المتمثلة في إعادة تأهيل مدافن النفايات.
في جوهر الأمر، تسعى “وطن”، من خلال برنامج المياه والصرف الصحي، إلى خلق بيئة صحية في سوريا، وتقليل مخاطر الأمراض المرتبطة بالمياه، وتحسين الظروف المعيشية للسكان. علاوة على ذلك، فإنها تعمل بلا كلل لدعم الناجين من الزلزال ومساعدتهم في إعادة بناء حياتهم، مما يمهد الطريق للتنمية المستدامة في المناطق المتضررة.
ورغم أن الزلازل قد تترك وراءها آثارا مدمرة، فإنها توفر أيضا فرصا للتعاون والتضامن. بالتعاون مع المنظمات المحلية ومن خلال توفير مجموعة من الخدمات، تسعى “وطن” جاهدة لمساعدة الناجين في بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة. هذه هي الرواية الجديدة لسوريا – قصة المرونة والأمل وسط الشدائد، وهي شهادة على القدرة على إعادة بناء عالم يمكنه التغلب على الكوارث والازدهار مرة أخرى.