مستقبل التعليم في إدلب على المحك.. ما بين تخفيض للدعم وبحث المعلمين عن مهن أخرى
يواجه ملف التعليم في مناطق شمال غرب سوريا أزمات متعددة في السنوات الأخيرة، من انخفاض الدعم المقدم أو انقطاعه في كثير من الأحيان، وتسرب المدرسين وبحثهم عن مهن أخرى بسبب انقطاع وعملهم بشكل تطوعي.
وفي وقت تحصل خلاله مديرية التربية والتعليم في إدلب على دعم جزئي يشمل قسم “مناهل”، وهي تختص بطلاب المراحل الابتدائية في حين أن المرحلة الإعدادية والثانوية لا يشملها الدعم، حيث يعمل المدرسون بشكل تطوعي منذ عدة سنوات.
وقبل أيام كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن تفاصيل تخفيضات الإنفاق البريطاني البالغ 4.2 مليار جنيه إسترليني في آذار/ مارس لعام 2021، بما في ذلك تخفيضات في برامج التعليم والصحة وصحة الأم واللاجئين الفلسطينيين.
واعتبرت أن سورية نالت حصة كبيرة من التخفيضات، على الرغم من أن ملايين الأشخاص لا يزالون يعيشون في مخيمات اللاجئين والنازحين بعد أكثر من 10 سنوات من بدء الصراع، حيث خفضت المملكة المتحدة إجمالي إنفاقها على المساعدات الخارجية من التزامها البالغ 0.7% من الدخل القومي الإجمالي إلى 0.5%.
بدورها، أكدت منظمة “الإغاثة السورية Syria Relief” أن قرار الحكومة البريطانية بخفض ميزانية المساعدات الخارجية، سينتج عنه انخفاض عدد المدارس التي تتلقى الدعم منها، من 153 إلى 16 مدرسة خلال مدة زمنية تقل عن عام.
وحذرت المنظمة أنه مع حلول أغسطس/أب 2022، من الممكن ألا يبقى أية مدرسة عاملة شمال سورية، في حال عدم توفر تمويل بديل.
وأشارت إلى أنه في حال تعثر الحصول على أموال لسد الفجوات التي خلفتها حكومة المملكة المتحدة والمانحون الآخرون، فإن جيلاً كاملاً من الأطفال شمال سورية سيصبح خارج المدارس، وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في عمالة الأطفال، وحالات الزواج المبكر.
كما أوضحت أن التخفيض سيؤدي إلى توقف الدعم عن أكثر من 133 مدرسة، وأن مايزيد عن 40 ألف طفل سوري سيتركون مقاعدهم، في ظل إعلان بريطانيا تخفيض مساعدتها الإنسانية.
المنظمة اشارت أيضاً إلى أن مدارس المخيمات مكتظة بالطلاب، بلا كهرباء ولا تدفئة، مع ارتفاع لمعدلات عمالة الأطفال والزيجات المبكرة بين النازحين بسبب الحرب، والتي من المرجح أن تزداد بسرعة إذا تم إغلاق المزيد من المدارس.
ولفتت إلى أن هناك أكثر من 2.4 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس في سورية، وما لم نرفع مستوى دعمنا بشكل كبير، فسيكون عدد أكبر من هؤلاء معرضين لخطر التسرب.
من جانبه أكد محمود الباشا مدير التربية والتعليم في إدلب: “أن ما حصل التباس في عنوان التقرير المتعلق بذكر أعداد المدارس والطلاب وتوقف الدعم عنها، حيث ماتزال هذه المدارس تعمل وهي مدعومة حتى الان من “مناهل”.
وأضاف في حديث لموقع (هيومن نيوز) أنه “سيتم إجراء تعديل ببعض الجوانب التي حصل فيها التباس، كما جرى التواصل والتفاهم بين الأطراف المعنية، والهدف الأساسي من التقرير هو تسليط الضوء على أهمية دعم التعليم عموماً شمال غرب سوريا ومحاذير التوقف ومايترتب عليه من مخاطر”.
وحول ترك المعلمين لمدارسهم وبحثهم عن مهن أخرى أشار الباشا أنه “هناك من ترك بسبب التطوع وقلة المنح المقدمة، وهناك وعودات من وزارة التربية بالحكومة إلى استجلاب الدعم عن طريق المنظمات”.
وأضاف “بالنسبة لتسرب الطلاب حالياً لايوجد تسرب إنما انقطاع طويل الامد، والعلاج يحتاج إلى تضافر كافة الجهود من المجتمع المدني بالمنطقة وزيادة عدد المدارس ودعمها بالرواتب والتجهيزات اللوجستية، أما بالنسبة للخطط المستقبلية ستعتمد على تكثيف الجهود على كافة الأصعدة لدعم التعليم دولياً”.
هذا وأشار فريق منسقو استجابة سورية في تقرير أن عدد الأطفال المتسربين من التعليم بلغ 2.65 مليون طفل، فيما أصبح عدد النازحين السوريين القاطنين في المخيمات ومراكز الإيواء 1.9 مليون نازح.
سالم العبد الله وهو استاذ في أحد المدارس التي تعمل بشكل تطوعي شمال إدلب أكد في حديث لموقع (هيومن نيوز) أنه بقي يعمل بشكل يومي في مدرسته بدون أجر لمدة ثلاث سنوات، على أمل أن يحصل على عقد لمدة 7 أشهر براتب 120 دولاراً من قبل مديرية التربية والتعليم وهو ما يعتبر أجراً رمزياً.
ويشكو العبد الله من إهمال ملف التعليم ومحاربته معتبراً “أن الأموال تصرف بشكل باهظ على الدعم النفسي دون فائدة بينما يبقى المعلمون بلا أجر، حيث أن آلاف الطلاب اصبحوا متسربين في الشوارع بسبب توقف عمل المدارس”.
جدير ذكره أن محافظة إدلب شهدت خلال الأشهر الأخيرة الماضية افتتاح عشرات المدارس الخاصة، وذلك بسبب تراجع العملية التعليمية في المدارس التابعة للسلطات المحلية أو المدعومة من قبل الهيئات والمنظمات الإغاثية، سيما ما شهدته تلك المدارس من انقطاع في الدعم أدى في نهاية المطاف لإغلاق كثير من تلك المدارس.
تراجع العملية التعليمية دفع أهالي المحافظة للبحث عن بدائل مناسبة تساهم في مواصلة أبنائهم التعلم، سيما الذين خسروا كثيرا من مراحلهم الدارسية بسبب النزوح والتهجير والانقطاع عن التعليم لأكثر من سنة، ما ساهم في توسع القطاع الخاص وانتشار الكثير من المدارس في المنطقة.
المصدر : هيومن نيوز