مسنون ومسنات ...نازحون يروون معاناتهم في مخيمات القهر والنزوح | صدى
دعاء الجبان
الكهولة والنزوح ثِقلان يتحملهما كبار السن من النازحين في سوريا بعد أن هربوا من حرب نخرت بلدهم كما ينخر المرض أجسادهم ولا حيلة لهم غير الصبر.
لم يتمكن هؤلاء من النزول من ساحة الحرب التي حلت ببلدهم وهم في آخر العمر ولا يقوى المسنون السوريون النازحون في مخيمات اللجوء بريف إدلب على العمل أيضا لتوفير لقمة العيش والدواء
كما يعانون من مشكلات اقتصادية واجتماعية وصحية ونفسية غاية في الصعوبة، إذ لم تكتف حرب النظام باختطاف أو تهجير أبنائهم وأحباءهم، بل أجبرتهم على العيش في ظروف معيشية قاسية تصعب حتى على الشباب مواجهتها، وخاصة في مخيمات النزوح التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة
حيث تضاعفت معاناتهم في ظل جائحة كورونا،كونهم الفئات الأكثر تأثرا بالوباء .
ويبقى الملاذ الوحيد أمامهم هو رفع أيديهم للسماء تضرعا إلى الله أن ينهي معاناتهم.
.
الحاج أبو محمد بالغ من عمره 67 سنة وقد أصابه وقد أصابه شلل سفلي منذ 12 سنة،كما فقد البصر في مخيم النزوح بعد أن استعصت حالته ولم يتمكن الطب في بلد أنهكته الحرب من معالجته.
أم أحمد سبعينية نازحة من ريف معرة النعمان الشرقي ،تقيم في إحدى المخيمات ، أما أبناؤها فبعضهم هاجر خارج البلد خوفا من بطش النظام، والبعض الآخر ورّيت جثامينهم الثرى. تعيش المسنة اليوم بمساعدة جيرانها في المخيم، فقد تدهورت صحتها لدرجة أنها لم تعد قادرة على المشي، والسبب فقرها وعدم قدرتها على شراء الدواء.
وكنتيجة لطول المعاناة وتفاقمها وانعدام أفق لأمل قريب؛ لا تتمنى أم أحمد إلا أمرين اثنين لنهاية هذه المأساة، فإما الفرج القريب عندما تجتمع مع أولادها الذين حرمتها الحرب رؤيتهم أو "بالموت الرحيم"،على حد قولها
تقول الحاجة والدموع لا تفارق وجهها الشاحب الحزين: "لقد خسرت في هذه الحرب كل ما يمكنه أن يجعلني أواصل العيش من أجله، لم أكن أتوقع يوما أن أبقى وحيدة في مثل هذا العمر بلا معيل وبلا رعاية، كما أن ألم الفراق ووحشة الوحدة تكاد تقتلني"
الحاجة فاطمة نازحة ستينية في مخيمات سرمدا مع أحفادها الثلاثة،اغتالت الحرب طفولتهم،استشهد والدهم في الحرب وتخلت أمهم عنهم، وأخذت الجدة على عاتقها رعاية هؤلاء الأطفال والإنفاق عليهم،فراحت تعمل في صناعة المؤونة وبيعها، متحدية وهن جسدها وعمرها الكبير.
تقول: "أعمل لأكفي أحفادي شر السؤال، فهؤلاء الأطفال هم أغلى ما أملك وهم من رائحة ابني الوحيد، لن أدعهم يحتاجون أحد ما دمت على قيد الحياة".
يمثّل اللاجئون المسنون حوالي 8.5 في المئة من مجموع الذين تُعنى بهم المفوضية وقدّرت أنه بحلول عام 2050، سيصبح عدد الذين تفوق أعمارهم الـ 60 عاماً في العالم أكبر من عدد الذين تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً.
ويواجه النازحون المسنون العزلة الاجتماعية في المخيمات كما قد ينفصلون عن عائلاتهم ما يفاقم ضعفهم، وفق المفوضية.