قضايا ذوي الهمم والعمل في شمال غرب سوريا
عشر سنوات والمأساة الإنسانية مستمرة. خلف قصف النظام السوري الكثير من المصابين وذوي الإعاقة. لقد وصلت نسبة ذوي الإعاقة في المفهوم الموسع للإعاقة في شمال غرب سوريا إلى 28% وعددهم 748.473 فرداً منهم 5.48% فرداً من ذوي الإعاقات الشديدة وعددهم 146.486 فرداً. أما في شمال سوريا فإن نسبة ذوي الإعاقة في المفهوم الموسع هي 19% وعددهم 289525 فرداً منهم نسبة 3.728% من ذوي الإعاقات الشديدة وعددهم 56.685 فرداً وفق برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية في الأمم المتحدة 2021HNAP.
ومن الملاحظ وجود ارتباط وثيق بين الفقر والإعاقة حيث يتواتر حدوث الإعاقة بنسبة أعلى في أوساط الأُسَر التي تعاني من ضيق الموارد.
لقد أشارت الدراسات إلى أن الأشخاص ذوي المستويات التعليمية المنخفضة، والسكن الرديء، والدخل المنخفض، والذين لا يتاح لهم الحصول على الخدمات الكافية هم أكثر عرضة للإعاقة ونعتقد أن ذلك يعود إلى أن الأفراد الذين يعانون من الفقر المزمن لا تفسح لهم الفرص في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة أو المأوى الصحي وكذلك التغذية الكافية للأمهات والأطفال وكذلك التعليم والوظيفة المناسبة، وتنتشر أكثر ظاهرة زواج الأقارب لديهم مما يؤدي إلى إمكانية أكبر لإصابتهم بالإعاقة، وهذا سوف يدخلهم في الحلقة المفرغة "فقر-إعاقة"، وبالعكس.
لقد أفاد 11% بالمائة فقط من الأسر التي لديها عدة أفراد من ذوي الإعاقة أن لديها دخلاً كافياً في المنطقة التي شملتها دراسة 2021HNAP، وتبين لنا من خلال دراستنا الميدانية في شمال وشمال غرب سوريا أن فرص عمل ذوي الإعاقة في المؤسسات والمنظمات كانت قليلة جداً وهذا يعد نوعاً من التمييز الذي يجب أن تكون المنظمات أول من يواجهه ولكن ذلك لا يحدث.
يبين تقرير 2021-2 SYR NEEDS AND RESPONSE SUMMARY، أن ما يقرب من 75% من الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة في سوريا لا يحصلون على الدعم الاقتصادي والاجتماعي والطبي ويعاني الأشخاص ذوي الإعاقة في سوريا من مستويات عالية من البطالة ومن عدم المساواة في الأجور ومن صعوبة الحصول على التعليم وهم عاجزون عن تحقيق الكفاية، وبتعرض ذوي الإعاقة الى مخاطر أكبر من التمييز والاستبعاد من سوق العمل خاصة من لديهم إعاقات ذهنية أو نفسية. ويزداد الحرمان تبعاً لزيادة وحدة الاعتلالات التي يعاني منها الشخص ذو الإعاقة حيث لا يوجد أنظمة تجبر المنظمات والمؤسسات والسلطات الحالية على تخصيص نسبة من الموظفين من ذوي الإعاقة.
هنالك مفاهيم غير صحيحة سائدة لدى أصحاب الأعمال أن ذوي الإعاقة هم أقل إنتاجاً من غيرهم وهذا ما يخلق سداً أمام توظيفهم في المشاريع والمؤسسات. وتعاني المرأة المعاقة مصاعب أكثر في الحصول على عمل من الرجل من ذوي الإعاقة.
لقد لاحظنا أنه نادراً ما يتوفر في المنطقة مشاريع للتدريب المهني ولتطوير قدرات ذوي الإعاقة بهدف تأهيلهم لدخول سوق العمل. ولاحظنا كذلك غياب مشاريع برامج المنح الصغيرة لفتح الباب على تأسيس مورد رزق لذوي الإعاقة وهذا ما يفاقم حالة البطالة والفقر لديهم.
إننا نرى أنه في ظل شح الموارد الحالي هنالك ضرورة في تطبيق ما يدعى الدعم التناقلي حيث يدفع القادرون مقابل الخدمات التي يحصل عليها غير القادرين، فرسوم تدفع في أمكنة من القادرين على الدفع تذهب لتغطية خدمات وخلق فرص عمل لغير القادرين وللضعفاء كحال ذوي الإعاقة.
من الضرورة إيجاد لوائح تنظم توظيف ذوي الإعاقة في الأعمال التي تناسب قدرات المعوق ومؤهلاته وتخصيص نسبة من الوظائف لذوي الإعاقة وإعفاء من لديهم رغبة بفتح مشاريع من الرسوم والضرائب المترتبة على تأسيس هذه المشاريع وتخصيص أراض لهم من أملاك الدولة سابقاً من أجل إنشاء مشاريع زراعية وغير ذلك من المشاريع ومن الضروري أيضاً تحفيز المؤسسات الخاصة على تشغيل ذوي الإعاقة الذين تم تأهيلهم مهنياً بحيث يستفيد صاحب العمل من حسم ضريبي في حال تم تشغيل عمال أو موظفين من ذوي الإعاقة ومن الممكن حصر ترخيص الأكشاك الموجودة في مواقع رئيسية في المدن والقرى بذوي الإعاقة ويجب العمل على تأسيس برنامج المنح الصغيرة الخاص بذوي الإعاقة ليتاح لهم تأسيس مشروعات فردية بدعم مالي عن طريق منحهم قروضاً وفق أنظمة المنظمات. أو عبر إقامة مشاريع يتم تمويلها من تخصيصات المنظمات الدولية وافتتاح مشاريع ومعاهد لتدريب تأهيل المعوقين مهنياً.
أخيراً، يقع على رجال الأعمال السوريين وغرف التجارة القيام بتأسيس صندوق لمساعدة ودعم المشاريع التي يقوم ذوي الإعاقة بتأسيسها وذلك للمساهمة في خلق فرص عمل لذوي الإعاقة.
في النهاية نقول يجب أن يتذكر القائمين على أي عمل يخص الشأن العام أن أحد مقاييس الحضارة هو كيفية تعاملنا مع أكثر أعضاء المجتمع ضعفاً ومنهم ذوي الإعاقة.