كيف يتعامل القانون التركي مع التصريحات العنصرية تجاه السوريين
تصاعد خطاب الكراهية خلال الفترة الأخيرة ضد اللاجئين السوريين والأفغان في تركيا، عن مسؤولين وسياسين معارضين، وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقبل أيام، صرح رئيس بلدية مدينة بولو التركية، تانجو أوزجان، بنيته رفع تكاليف فواتير المياه بمقدار عشرة أضعاف للأجانب في المدينة، في محاولة منه لإجبار السوريين للعودة الطوعية إلى سوريا، ما دفع المدعي العام في الولاية إلى فتح تحقيق رسمي بحق أوزجان، بتهمة “إساءة استخدام المنصب” و”الكراهية والتمييز”.
وكانت “الرابطة الرسمية لحقوق اللاجئين في تركيا” أعلنت رفع دعوى قضائية رسمية ضد أوزجان، عقب تصريحاته الأخيرة.
وفي 2019، أصدر أوزجان قرارًا بإيقاف جميع المساعدات المقدَّمة من البلدية للمواطنين السوريين المقيمين في ولايته، عقب فوزه بأغلبية الأصوات في الولاية، ما دفع السلطات التركية لفتح تحقيق بحقه على خلفية هذا القرار.
وتكرّس العضو في حزب “الجيد” التركي إيلاي أكسوي، حسابها عبر “تويتر” لمشاركة أخبار تتعلق بسوريين موجودين في تركيا، منها أخبار غير دقيقة وتحرض على الكراهية ضد السوريين، ما يدفع محامين أتراك لرفع شكاوى جنائية ضدها.
وكانت إيلاي روجت لحملتها الانتخابية لرئاسة بلدية اسطبنول عن حزب “الجيد”، من خلال وعود أطلقتها بعدم “تسليم منطقة الفاتح في اسطنبول للسوريين”.
عقوبات بالسجن
عادة ما يؤدي حديث المسؤولين المعارضين عن اللاجئين السوريين في تركيا، أو ترويجهم لحملاتهم الانتخابية عن طريق وعود تتعلق بإعادتهم إلى بلادهم، إلى تعرض سوريين إلى مواقف عنصرية، تتطور أحيانًا إلى مشادات كلامية أو عراك أو حوادث قتل.
المحامية التركية جميلة تونا، قالت لعنب بلدي، إن العنصرية ليست جريمة بحد ذاتها، ولا يمكن للشخص أن يفعل شيئًا لمجرد أنه تعرض للعنصرية، لكنه إذا تعرض للتمييز بسببها، فسيشكل ذلك جريمة.
وتحدثت تونا عن مبدأ المساواة أمام القانون في الدستور التركي، وأوضحت أنه ورد ذكر العرق، إذ تنص المادة العاشرة من الدستور التركي أن الجميع سواسية أمام القانون، دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو اللون أو الجنس، أو الفكر السياسي أو المعتقد الفلسفي أو الدين أو المذهب أو أسباب مماثلة.
ولذلك لا يمكن التعامل مع الأشخاص على أساس التفرقة، ولا يمكن أخذ العرق بعين الاعتبار عند التوظيف أو تشكيل الأحزاب على سبيل المثال، بحسب تونا.
كما لا يجوز التمييز بين الأشخاص من جهة العرق أو اللغة أو الدين أو الطائفة أو الجنسية أو اللون أو الجنس، أو الأفكار أو الأفكار السياسية أو المعتقد الفلسفي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو المولد، أو الجانب الاقتصادي أو المناصب الاجتماعية، عند تطبيق قانون العقوبات.
ويُعاقب بالسحن من سنة إلى ثلاثة سنوات من حرض علانية شريحة من السكان ذات خصائص مختلفة، من حيث الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو المنطقة، على الكراهية والعداوة ضد شريحة أخرى من السكان، ما يتسبب بوجود خطر واضح ووشيك على السلامة العامة، بحسب المادة “216” من قانون العقوبات التركي.
ويعاقب أي شخص يهين علنًا جزءًا من السكان على أساس الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو الاختلافات الإقليمية، بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة.
كما يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة واحدة، من أهان علانية القيم الدينية التي يتبناها جزء من الجمهور، إذا كان الفعل مناسبا للإضرار بالسلم العام.
وعود وتطمينات
وكان زعيم حزب “الشعب الجمهوري” التركي المعارض، كمال كليشدار أوغلو، قال، الثلاثاء الماضي، إنه سيعمل على ترحيل جميع اللاجئين السوريين من تركيا في مدة زمنية أقصاها سنتان حال وصل حزبه إلى الحكم.
لكن مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ياسين أقطاي، اعتبر أن تهديدات كليشدار أوغلو “طائفية”، مؤكدًا أن إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا أمر “مستحيل”.
ولا يوجد شيء يدعى طرد أو إرسال الأشخاص الذين لجؤوا إلى تركيا وحصلوا على وضع اللجوء، في ظل ظروف معيّنة إلى بلادهم، بحسب أقطاي.
وبموجب قانون الهجرة الدولي، لا يمكن إرسال اللاجئين إلى بلادهم إلا في حال ارتكاب جريمة دون مبرر، لأن اللاجئين، بحسب أقطاي، لجؤوا بسبب الاضطرابات وانعدام الأمن والضغوط السياسية في بلادهم، ولأن حياتهم في خطر، وعليه حصلوا على حقهم في اللجوء، وهم ليسوا سائحين، وأمر إعادتهم لا يتعلق بحب كليشدار أوغلو أو كرهه لهم.
وبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ثلاثة ملايين و690 ألفًا و896 نسمة، بحسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة لعام 2021