مأساة السوريين غنيمة للنظام الأسدي ..ضعوا حدا للرعب والتعذيب في تلك المسالخ البشرية
دعاء عبد الرزاق
رغم أن أبشع ما في الحروب الموت والقتل والدمار، إلا أن الأفظع على الإطلاق انتظار ابن أو أخت أو زوج أو قريب لن يأتي.. انتظار معتقل لن يعود إلا جثة، هذا إن عاد!
ووسط غياب أي حل للأزمة السورية، يحشر النظام هناك آلافا مؤلفة من السجناء ، بين معتقل ومخطوف ومختف قسريا، خاصة أن ظروفهم الإنسانية في غاية الخطورة، بعد تسريب ألاف الصور تظهر حجم التعذيب الذي تعرض له البعض.
وجال ملفّ هؤلاء المعتقلين أروقة منظمات ومؤسسات كثيرة جدًا، دولية وعابرة للدول، دون أن يحقق -مع الأسف- أي تقدّم يُذكر، فالنظام مستمر في إنكار وجودهم أساسًا ،
فالنظام يتمسك بملف المعتقلين كورقة ضغط على المجتمع السوري، لمعرفته أنه ملف يمس غالبية المجتمع، بشكل مباشر أو غير مباشر، أملاً في أن يبتز السوريين ويجبرهم على التنازل عن مطالبهم بالحرية والعدالة، ما يدفعه لترحيل هذا الملف كلما تم طرحه، إلى أن تنتهي عملية التفاوض".
ومنذ نحو عام، بدأت معاناة المعتقلين تتضاعف، حتى الطبيعة عملت هذه المرّة ضدهم،
حيث ظهر فيروس “كورونا” ليضاف إلى الجدران القذرة والرطبة لمراكز الاحتجاز، والضرب والاغتصاب والتجويع والمرض، وليحوّل حياة من يعيش في هذه السجون إلى خطر يومي.
وسلّط انتشار فيروس “كورونا” الضوء على قنبلة موقوتة داخل سجون النظام، في حال تفشي الوباء فيها
في ظروف صحية غاية في السوء، وكان قد حشَر السجناء السياسيين والمدنيين ومن هم على الحياد أصلا على خلفية مشاركتهم في الثورة.
ومن جهة أخرى نادت هيئات المعارضة السورية، والأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية، بإرسال لجان طبية، لتفقد أوضاع المعتقلين في سجون النظام السوري، وحذّرت من خطورة انتشار وباء “كورونا” في المعتقلات، وأعربت عن خشيتها على أرواحهم لعدم امتلاكهم الرفاهية في علاج الأمراض المستعصية والخطيرة ، وأكّدت أن تسرّب الفيروس إلى تلك المعتقلات والزنازين المكتظة سيؤدي إلى كارثة رهيبة،
وسط هذه الكارثة التي تُهدد حياة عشرات الآلاف (نحو 147 ألف شخص وفق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، ونحو 250 ألفًا وفق “الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين”)
شهادات مروعة:
وقال (م. ر) وهو أحد المعتقلين السابقين الناجين من سجن" صيدنايا "الذي يعد من أكبر المسالخ البشرية للنظام السوري وقضى فيه آلاف المعتقلين من السوريين وغير السوريين على يد جلادي أسد وزبانيته : " إن ميليشيا أسد مؤخراً اتبعت أسلوباً جديداً في قتل السجناء، يعتمد على قطع الهواء عنهم أو بالمختصر (خنقهم)، وذلك بطرق عدة تختلف من سجين إلى آخر، وتتراوح أيضاً بحسب كمية الحقد التي يحملها كل جلاد في (الفرع المشؤوم)، حيث لقي مئات السجناء خلال الشهرين الماضيين حتفهم، عبر حبسهم في غرف مغلقة تماماً ولا تحوي أي منافذ تسمح بدخول الهواء، واستمر الأمر على هذه الحال أياماً طويلة لحين وفاتهم"، حيث تأتي هذه الطريقة ضمن سلسلة طرق جديدة لتصفية السجناء .
وكانت قد وثقت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” حالات الاختفاء القسري في سجون النظام السوري، واستغلاله عمليات الاعتقال لجني المال وزيادة نفوذه الأمني.
ويظهر بالأرقام أن النظام السوري جنى من ابتزاز عائلات المعتقلين والمختفين قسرًا ما يقارب 900 مليون دولار أمريكي (868.9 مليون) منذ بداية 2011 حتى الآن.
رشوة مقابل الحرية:
اضطرت أم علي لدفع رشوة بقيمة 400 ألف ليرة سورية (780 دولار أميركي) لإطلاق سراح زوجها الذي كان معتقلا لدى لنظام الأسد.
وبالفعل، أطلق سراح الزوج بعد شهرين و10 أيام، "طمأننا المحامي بأن أموره سليمة، وأن متاعبنا انتهت، غير أن زوجي كان قلقا فاقترح علي تغيير المنزل ،
لازم الخوف الرجل الذي اعتقل للمرة الثانية بعد حوالي شهرين، لتبدأ العائلة بتحضير رشوة جديدة، حيث يبتز النظام السوري عائلات السجناء .
رشوة بالإكراه:
ويجبر ضباط النظام أهالي المعتقلين في السجون السورية على دفع رشاوي للسماح لهم بزيارة أبنائهم أو للإفراج عنهم.
ويكشف تقرير الرابطة أن النظام السوري يستخدم عمليات الإخفاء القسري والاعتقال، وسيلة لجني الأموال ومراكمة الثروات، وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية وقادتها والنافذين في الحكومة وبعض القضاة والمحامين، حيث تعود هذه العمليات الابتزازية بمدخول مالي ضخم جدا على أجهزة النظام الأمنية.
وفي ظل هذه الظروف لايجب علينا الاستسلام إلى الظواهر، والتصريحات والإدانات، ولا إلى شبكة المنظمات الدولية فقط، العاجزة عن فرض أي شيء على النظام السوري، وعن ممارسة ضغط حقيقي على نظام الأسد لإتاحة الوصول دون عوائق لفتح جميع السجون ومراكز الاحتجاز، أمام المنظمات الإنسانية والجهات الدولية المختصة وفرق الرعاية الصحية، ولتوفير البيئة الصحية داخل السجون، وتكثيف الضغوط على المجتمع الدولي لإنقاذ المعتقلين، والإفراج عنه، عبر قانون قيصر وغيره، لكيلا نرى مأساة في شبكة “المسالخ البشرية” التي لدى النظام، ولتفادي ترك مئات الآلاف من السوريين يذهبون ضحايا، قبل أن يستسلم النظام السوري للانتقال الديمقراطي