التكنلوجيا أم الفقر أم قلة الوعي ! ماهي أسباب التفكك الاسري ؟
لمى العيسى
كل مخلوق في هذه الحياة ينتمي إلى أسرة وتمثل هذه الأسرة الخلية الكبرى للمجتمع وتعتبر أحد المؤسسات الاجتماعية الأكثر تأثيراً وتأثراً ، لما تقوم به من تنشئ الأبناء لإعدادهم للحياة الإجتماعية، مع تزامن التغيرات العصرية التي يشهدها المجتمع والعالم وما يصاحبها من ظواهر وأحداث غير مسبوقة ومن أهم الأحداث التي تتعلق بالقضايا الإجتماعية هو
"التفكك الأسري " الذي يسلط الضوء عليه باستمرار ، حيث يعد حالة من الخلل الوظيفي في التنظيم المجتمعي الذي ينشأ عن فقدان أحد الوالدين أو كلاهما ، الطلاق ، الهجران من قبل أحد الزوجين أو تعدد الزوجات ، غياب رب العائلة لفترات طويلة ، بالإضافة إلى وجود البيوت المحطمة والتي تقوم على الاكتمال المادي للعائلة ويعد أبرز أسبابها
الأب الحاضر الغائب
أو الأم الحاضرة الغائبة
حيث كلاهما موجود على مواقع التواصل ويصب جل اهتمامه على جهازه الإلكتروني بشكل متواصل دوناً عن أبنائهم فهم الأحق بهذا العطف والحب وهم الأحق بالنصح والإرشاد الذي نتصدع به أمام هذه المنصات مع الأصدقاء والأقارب أو حتى العالم وهم الأحق بالإستماع وتبني أفكارهم أو توجيهها.
وتعيش بيوت أخرى على مشاهد من العنف والغضب والشجار الدائم من قبل الوالدين والذي يسمى بصراع الأدوار بين الوالدين ولمن تكون له مرسا السفينة والسطوة ليتم تبني هذا النمط من قبل الأبناء في المستقبل ليصبحوا انساخ مستنسخة عن آبائهم أو الاندراج تحت وطأة الإنحراف الإجتماعي ويكون ذلك بالاساليب والبيئة المتاحة أمامهم.
وهذا ما ينتج عنه اليوم من إرتفاع نسب الطلاق الغير معهودة من قبل إذا تبلغ النسبة اليوم بشكل تقريبي 70٪ ، مما يثير التساؤلات في العقل !!!
هل أصبحت نسبة الأفراد السيئين مرتفعة لهذه الدرجة ، ام أنهم قليلوا صبر وتحمل ويعتبرون تأسيس العائلة وإنجاب الأطفال وتربيتهم ورؤية ثمرة تشكيل هذه العائلة كسرعة إستخدام التكنولوجيا في تسهيل التواصل بين الأفراد، أم عدم وجود الوعي الكامل بينهم للتعامل ، أو الخطأ في إختيار الشريكين لبعضهم البعض ، أم طرق الزواج المشبوهة التي يلجأ إليها قليلي الحيلة ، أم الطرق التعصبية والعنصرية التي تفرض بزواج من الأقارب و أصحاب الماديات الملموسة (كالمتاجرة بالفتيات)، أو عدم وجود الوعي الكامل بينهم للتعامل وغياب الألفة والتوافق .
جميع ما ذكر من أسباب وأنواع تستدعي لتفكيك الأسرة ويعود إلى غياب المفهوم الثقافي عن المعنى الحقيقي لتشكيل الأسرة لأنها دائماً ما تكون مرآة المجتمع الصغيرة فبقدر ما يكون التفاهم والاحترام والوعي و الود بين الزوجين بقدر ما ينعكس على صحة أطفالهم النفسية، ويظهر في سلوكهم مدى الوعي بين الزوجين وينعكس بالإيجاب على المجتمع والعكس صحيح بينهما.
ولا يمكننا أن نرمي المسؤولية أو العاتق على أحدهما لان نجاح العائلة وتكاملها يعتمد على التوازن في تحمل أعباء الحياة الزوجية بين الزوجين ، ونشاهد في زماننا المعاصر ضعف التماسك في المؤسسة الزوجية أكثر من أي وقت مضى ويعود ذلك إلى أن كل منهما ينظر وفقاً لهواه ويفسر حسب مفهومه الشخصي .
ولايضرس من هذه العملية إلا الأبناء فهم الضحية الكبرى ومع الوقت يتحولون لقنابل موقوتة تتفجر في وجه هذا المجتمع البائس على شكل سلوك معنف أو إجرامي أو منحرف، كنتيجة حتمية لما عانوه في الصغر ولما رأوه من سلوك آبائهم أثناء الاختلاف والإنفصال ،فالأطفال كقطع البزل التي نشكلها بقطعنا الملونة فأما يخطأ تشكيل اللوحة أو يصيب.
فنجاح العلاقة مرهون بتنازلات التي يقدمها كلا الزوجين وأن يتخلى كلاهما عن الأنانية والعناد وغاوية النفس الابليسي والإنتصار على رغبات النفس مع السطوة وتحقيق سلطة الكلمة والرأي ، فيكون الزواج هنا هدف لتحقيق المصلحة الشخصية والرغبات الذاتية لا وسيلة لإختيار الشريك المناسب المكمل لذات الفرد أو أن تعيش مع الشخص الذي تحبه وتختاره لنفسك.
ما يمكننا تلافيه بهذه القضية هو أن نبتعد قليلاً عن التواصل الإجتماعي وقضاء وقت مع العائلة وإجراء الحوار معهم عن الحياة وبمساعدة المنظمات الإنسانية بالتوعية المجتمعية حول الأسرة. و لنتخذ من مجالسنا حوارات هادفة لأن للعلم والقيم التي نحبذ أن نراها في ابنائنا مجالس.
لإحياء القيم الأخلاقية والإنسانية لا بالكلام بل بالأفعال