عشرة كُتّاب حول العالم لم يوفهم القارئ العربي حقهم!
إذا شاء لي القدر يومًا ما وأسست مكتبتي الخاصة، سأملؤها بكتب بعيدة عن الوسط الذي يقرأ منه الجميع. فهناك الكثير والكثير من الكُتّاب الرائعين الذين لم تخبرنا الأرفف عنهم، ولذا فأقل ما يمكن فعله هو الكتابة عن بعض هؤلاء الكُتّاب، وإن كانت الكلمات لن توفيهم حقهم أبدًا. هذه القائمة مليئة بكتب فيها غزير الأدب وروائع اللغة والفكر.
واسيني الأعرج
البلد: الجزائر
رواية مشهورة: طوق الياسمين
بعض الكُتاب يلهمون قُراءهم بالقصة، والبعض الآخر يلهمونهم بالموسيقى في كلماتهم. واسيني الأعرج هو أحد الكُتاب الذين يمتلكون موهبة توظيف الفن كله لصالح الكتابة، فقد تسمع الموسيقى في كلماته وقد ترى لوحة فنية جميلة في رواية له.
الأعرج من الكُتاب شديدي الاهتمام بالقضية الفلسطينية والأندلسية، ولذا فقد كتب عنهما عدة كتب، وأصبح من أهم الأصوات الروائية في الوطن العربي. حصل الأعرج على العديد من الجوائز الأدبية، كما تُرجمت أعماله للعديد من اللغات وهو يكتب بالفرنسة إلى جانب العربية.
الأعرج له أسلوب عذب لا تملّ منه إلى آخر سطر في الرواية. كما يولي اهتمامًا جليًا للهوية، بينما لا يعبأ بالزمان والمكان ويستخدمهما بشكلٍ يكاد يكون عفويًا في رواياته، فقد تراه يتنقل في الزمان والمكان بشكل مستمر في رواية واحدة.
هناك كُتّاب يجب أن تقرأ لهم ولو عملاً واحداً فقط، والأعرج بلا شك أحدهم.
إسماعيل قدري
البلد: ألبانيا
رواية مشهورة: جنرال الجيش الميت
إسماعيل قدري هو من هؤلاء الكُتاب الذين أثاروا رُعب حكوماتهم بكتاباتهم، فغالبية كتاباته كانت سياسية تحكي عن حكومات شمولية مستبدة. بعض أعماله تُرجمت لأكثر من ثلاثين لغة، والمثير للاهتمام هو أنها حتى عندما تُرجمت للغة أخرى ظلّت رائعة كما هي.
قدري هو -في رأيي- في نفس مستوى جورج أورويل وألدوس هكسلي، وقد حُظرت بعض أعماله من النشر لمناقشته الحكم الاستبدادي بشجاعة. ومن أمثلتها رواية “قصر الأحلام” التي تحكي عن حكومة استبدادية تتحكم في عالم اللاوعي الخاص بشبعها كطريقة للتجسس، وهي من روائع قدري.
قرأت الكثير لقدري وباستطاعتي أن أقول إن “قصر الأحلام” هي أفضل ما قرأت له على الإطلاق، وأفضل ما قرأت من أرفف الكتب المترجمة.
10 كُـتّـاب مُعاصرين يجب عليك متابعـة أعمـالهم
غسان كنفاني
البلد: فلسطين
رواية مشهورة: عائد إلى حيفا
قد لا يكون غسان كنفاني مناسبًا لهذه القائمة تمامًا لأنه معروف، ولكنني أدركت أن الكثير ممّن سمعوا عنه لم يقرؤوا له. كنفاني كاتب وروائي فلسطيني عاصر مآسي الحرب والمنفى، وقرر أن يثور بكلماته الخاصة وفي الصحف، حتى اغتالته الموساد وهو لم يتمّ بعد الأربعين من عمره. تكاد جميع روايات كنفاني تناقش مسألة المنفى والوطن والصراع للبقاء دون هوية. سيغّير كنفاني مفهومك عن الوطن، كيف؟ عليك أن تكتشف هذا بنفسك.
كنفاني هو النموذج الأمثل لقلمٍ أرعب العدوّ، ولكلمات شكّلت تهديدًا على هذا الكيان. فبعد أن تقرأ رواية أو روايتين فقط سيسهل عليك معرفة سبب اغتياله.
جوزيه ساراماجو
البلد: البرتغال
رواية مشهورة: العمى
جوزيه ساراماجو هو كاتب أدبي ومسرحي برتغالي. ما يميز ساراماجو عن كثير من الأدباء هو أن أفكاره جديدة على كل من يقرأ له، حتى وإن كان قد قرأ لمئات الروائيين، ولذلك فهي مثيرة للاهتمام جداً، وإن كانت صعبة الفهم في البداية بسبب أسلوبه.
فلِساراماجو أسلوب يطلق عليه “تيار الوعي”، وهو يعتمد على صياغة محادثات داخلية غير مترابطة، ولذلك فقد لا تجد المحادثات تُسرد بالأسلوب الذي اعتدناه. استخدم هذا الأسلوب العديد من العظماء أمثال فيودور دوستويفسكي ونجيب محفوظ وت. س. إليوت.
قد تودّ أن تقرأ له رواية “انقطاعات الموت”، فهي رواية رائعة عن تأثير العيش الأبدي على البشرية.
مصطفى صادق الرافعي
البلد: مصر
كتاب مشهور: وحي القلم
مصطفى صادق الرافعي هو من الكُتاب الذين يعرفهم الجميع ولكن لم يقرؤوا له لسبب ما، إما أنه خوفٌ من قوة اللغة أو لأنه ليس روائي، ولكنه أديب لا يضاهي لغته أحد، والكثير من جيلنا يحب الروائيين فقط.
عند القراءة للرافعي، سيُعجزُك معجم كلماته وحده، ولذلك فمن الصعب بل من المستحيل أن أوفي هذا الكاتب حقه في بضعة أسطر! الرافعي يضمّ اللغة بالفلسفة، يتحدث عن الحب والعشق وكأنه خادمهما. قد يطلق عليه البعض متعاليًا على قُرّائه لصعوبة ألفاظه، إلا أن انعزاله للقراءة من صغره جعل منه هذا الأديب الرائع. ما يميّزه أيضًا هو لغة القرآن، فهو دائم الاستخدام لمصطلحاتٍ وألفاظ قرءانية جميلة.
أنصحك بالبدء بكتاب وحي القلم الجزء الأول لمزجه بين القصص الإنسانية العذبة والقصص ذات الطابع الديني الخالص.
إبراهيم نصر الله
البلد: فلسطين
رواية مشهورة: زمن الخيول البيضاء
يبدو أن للكُتاب الفلسطينيين سمة مشتركة في الكتابة، لا أعلم بالضبط ما هي، ولكن أحياناً يهيأ لي أنني إذا قرأت رواية لكاتب فلسطيني دون أن أعلم، سأجزم أن هذا الأسلوب فلسطيني.
إبراهيم نصر الله كاتب وشاعر هُجِّر والداه من فلسطين في الحرب، ولذا فقد كان من الطبيعي أن يكتب عن الرحيل، وعن الاستشهاد والموت، وعن الغربة. كما أصدر نصر الله مشروعاً مكوناً من عدة روايات سمّاه “الملهاة الفلسطينية”، يحكي فيه عن القضية الفلسطينية على مدار 250 عاماً، في عدة روايات.
أحياناً يشبه أسلوب نصر الله أسلوب غسان كنفاني عند الحديث عن الضياع والغربة. ولكنّ لكل منهما أسلوبه الخاص في معالجة المشكلة، فأسلوب كنفاني يعطيك إحساس المجنون الذي يكلم نفسه طيلة الوقت، بينما أسلوب نصر الله يجعلك تشعر أنك تقرأ روايتين مختلفتين لشخصين داخل رواية واحدة.
ولهذا فإنه لا يمكننا تجاهل الأدب الفلسطيني، فهو يحكي لنا تجربة لم نمرّ بها، فيصبح السبيل الوحيد للمشاركة هو القراءة عنها وعنهم.
مارجريت أتوود
البلد: كندا
رواية مشهورة: حكاية الخادمة (أو قصة الخادمة)
رغم أن رواية “قصة الخادمة” لمارجريت أتوود قد صُنّفت ضمن أقوى أعمال أدب المدن الفاسدة (أو الديستوبيا)، إلا أنها لم تحظَ بنفس شعبية الروايات الأخرى في القائمة.
وبالتالي فلا يعرف الكثير من العالم العربي هذه الكاتبة والشاعرة الرائعة. أتوود من الروائيين الذين يكتبون بشغف يأسر قُرّاءهم للرواية حتى وإن كانت خالية من الأحداث أو التشويق. فعلى عكس غالبية الروائيين، ما يجذب القُراء في أتوود هو توظيفها للغتها في المكان الصحيح والوقت الصحيح.
تكتب أتوود وكأنها تكتب للمرة الأخيرة، وبالتالي فهي تستخدم جميع حواسها في ما تكتبه لتعطي القارئ كامل حقّه وتتركه عاجزًا عن التعبير عن سحر لغتها.
ثم لك أن تتخيل سيدة بدأت في الكتابة وهي بالكاد في السادسة من عمرها، فكيف ستكون كلماتها الآن؟
حسين البرغوثي
البلد: فلسطين
كتاب مشهور: الضوء الأزرق
هل تريد أن تتأكد أنك لست المجنون الوحيد على وجه الأرض؟ عليك بقراءة كتب حسين البرغوثي إذن، فهو سيعطيك هذا الإحساس المريح بأنك لست وحدك صاحب الأفكار المجنونة!
حسين البرغوثي من العائلة الشهيرة والعظيمة التي أنجبت لنا مريد وتميم البرغوثي، فهو شاعر وروائي وكاتب لسيناريوهات. ما يدور في عقل البرغوثي لا يخيفه من أن يتحدث عنه بأسلوب المجنون، وكتابه “الضوء الأزرق” يُعد سيرة ذاتية له ولكنها مختلفة عن أي سيرة قد تقرؤها.
بعد أن أنهيت هذا الكتاب قلت لنفسي “لا يمكن أن يكون هذا الكتاب حقيقيًا”. ولكنّ الجميل في كتاباته أنه يروي الواقع بشيءٍ من الخيال، فتكاد تجزم أن ما تقرؤه رواية وليست أحداثًا حقيقية. كما أن للبرغوثي أسلوب سهل للغاية على قُرّائه، فهو غير متكلف في العبارات ولا يُقحم الجماليات الأدبية، بل تأتي بانسيابية مذهلة.
من أجمل ما يمكن اقتباسه له: لا أعرف عنك شيئاً. فعُمق البحر لا يعرف شيئاً عن شواطئه. وجهك شاطئ
كُتَّاب عرب ستترك كتاباتهم أثراً في حياتك حتماً !
محمد سعيد العريان
البلد: مصر
كتاب مشهور: حياة الرافعي
ماذا تتوقع من كاتب أشهر مؤلفاته عن حياة مصطفى صادق الرافعي؟ إما أنه كان من أشد المقرّبين له أو أنه كان من أشدّ المحتذين به. وفي الحالتين فإن النتيجة الوحيدة التي ستصل إليها هي أن كتاباته لن تكون أقل جمالاً عن كتابات الرافعي.
كان العريان والرافعي صديقَين مقربَين وقد تأثرا بكتابة بعضهما، حتى إنهم قالوا عن الرافعي أنه أصبح “عريانياً” وقالوا عن العريان أنه أصبح “رافعياً”.
لغة العريان لا تختلف كثيراً عن الرافعي، فهي لغة قوية عذبة ويتّضح فيها أثر الرافعي جلياً. ولكن الجميل في كتابات العريان هو سلسلة من أربعة كتب تحكي قصة أربعة عصور مختلفة: العصر الأموي، العصر العباسي، العصر الأيوبي، العصر المملوكي.
يحكي في هذه الكتب قصصاً بسيطة تعطي نبذة عن التاريخ في هذه العصور وبأسلوب سلس وجميل. أقترح أن تبدأ بواحدة من هذه القصص.
فرناندو بِسُوّا
البلد: البرتغال
كتاب مشهور: كتاب اللاطمأنينة
يُحكى عن فرناندو بِسُوّا أنه كان ثلاثي الأنا، أي كانت له ثلاثة أنفسٍ أطلق على كل نفسٍ منهم اسماً وعاش فيها. ولذا فقد كانت الكتابة بالنسبة له تعبيراً عن ثلاثة أنفس مختلفة، فعرف كيف يُعبّر بكلمات شديدة الدقة عمّا يدور في جعبته، وكأنه هو من كتب مُعجم الكلمات، أو أول من أطلق على كل إحساس اسمه.
من قرأ “كتاب اللاطمأنينة” اكتفى به ليتيقّن أن بِسُوّا كاتب مُرهق من الداخل، دائم الصراع مع نفسه، خالٍ من الطمأنينة. كما أن ليس كل من أحسّ بشدة عمق هذا الكتاب استطاع أن يُكمله، لأنه جرعة مكثّفة من أفكار وانعكاسات العزلة التامة للكاتب.
وبالتالي فبِسُوّا كاتب وشاعر يميل إلى الانعزال في أكثر كتاباته، ولذا فإن الكآبة لا تخلو من أوراقه. وربما هذا حال جميع الكُتّاب.
فمن منهم لم يُعرف عنه العزلة والاكتئاب؟
أخر تحديث 2017-12-23
المصدر: أراجيك- arageek