أهمية أثر الانفتاح الثقافي
أصبح من المعلوم أهمية أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة، وذلك من خلال التأصيل النظري لمفهوم المواطنة والانتماء واستخلاص أهم أبعاد المواطنة بمفهومها العصري، بالإضافة إلى أهمية لقيم المواطنة: كالمسؤوليـة، والمشاركة، والتضامن، والواجبـات، والمسـاواة، والانتمـاء.
كما تتحدد قيم المواطنة من خلال علاقة الأفراد بالدولة من حيث احترام السلطة المتمثلة بالدستور، والخضوع للقانون ومعرفة الحقوق والواجبات، وبالتالي يتشكل الإطار القانوني والسياسي لممارسة المواطن لحقوقه ولأدائه لواجباته بكل وعي ومسؤولية على أرض الواقع.
صور المواطنة
وعليه صنف “السويدي” (2001 م) المواطنة في عدة صور هي: المواطنة المطلقة التي يجمع المواطن فيها اتجاه مجتمعه بين الدور الإيجابي والسلبي، والمواطنة الإيجابية التي يشعر فيها الفرد بقوة انتمائه الوطني وواجبه للقيام بدور إيجابي لمواجهة السلبيات، والمواطنة السلبية التي فيها يشعر الفرد بانتمائه للوطن ويتوقف عند حدود النقد السلبي دون الإيجابي للمواطنة، وهناك المواطنة الزائفة التي يحمل فيها الفرد شعارات جوفاء وتمتاز بعدم الاحساس باعتزازه بالوطن.
وبناءً على كل ما سبق لابد من ذكر ضرورة التطرق لمفهوم المواطنة ومفهوماتها كونها احتلت مساحة كبيرة في الدراسات السياسية والاجتماعية والتربوية، وتعددت أبعادها في علاقاتها الممتدة عبر قضايا تتمحور في علاقة الفرد بالمجتمع والدولة، من خلال أطر قانونية منظمة للحقوق والواجبات، بالإضافة إلى دور المؤسسات التربوية في التربية من أجل المواطنة والدور المتوقع لهذه المؤسسات في ترسيخ قيم المواطنة، وضرورة إدخال تلك المؤسسات في صلب ما يدور الأن في العالم من تغيير في المفهومات العالمية ومنها مفهوم المواطنة وقيمها المتجددة, حتى تصبح المؤسسات التربوية قادرة على الإسهام في ترسيخ قيم المواطنة لدى الاجيال القادمة.
وفي ظل التحولات التي تشهدها الدول العربية. كما أشار المعمري (2014 م) أنه من الملحِّ أن تنتقل مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتربوية من التركيز على المواطنة الرمزية إلى التركيز على المواطنة المسؤولة؛ فمن الضروري أن تبادر هذه الدول إلى تشكيل وعي سكانها بحقوقهم وواجباتهم كمواطنين مسؤولين، وإذا لم تقم الدولة بهذه المهمة فإن هذا الوعي سوف يتشكل من خلال وسائط تنشئة أخرى ربما تحمل منطلقات لا تتوافق ومصلحة دول المنطقة, ولذلك لابد من تحديد منطلقات منطقية تساعدنا على الإجابة وعلى الرغم من أن الإجابة غير سهلة فإنها ليست صعبة أيضاً،
ومن هذه المنطلقات:
- تكوين الشعور بالمسؤولية الوطنية هو هدف لجميع مؤسسات الدولة، فما هي إلا وسائل لتحقيق التنمية في البلاد، إلا أن درجة مسؤولية هذه المؤسسات تتباين بتباين اختصاصاتها ومجالاتها الخدمية، فمسؤولية وزارة التربية والتعليم ربما تكون أكبر من مسؤولية مؤسسات أخرى في هذا المجال.
- يجب ألا يقتصر “هدف بناء المواطنة المسؤولة” على الطلبة في المدارس والجامعات فحسب، بل إن جميع المواطنين، على اختلاف أعمارهم ومسؤولياتهم الوظيفية ومراتبهم الاجتماعية، في حاجة إلى من يساعدهم على تبني ثقافة المواطنة المسؤولة ووضع الضوابط التي تحكمها، ومؤسسات الدولة اليوم بحاجة ماسة إلى تكوين هذه القيمة إلى جانب الطلبة أيضاً.
- يحتاج بناء المواطنة المسؤولة إلى مرجعية تنظيرية عملية تمثل الإطار المفاهيمي المجمع عليه، ليحدد بوضوح طبيعة المواطنة، وخصائص المواطن المسؤول، وحقوقه وواجباته، وبنية مؤسسات الدولة ودورها، وآليات ممارسة المواطن للمواطنة المسؤولة، وفي حالة عدم وجود هذا الإطار المرجعي ستعمل هذه المؤسسات من دون رؤية واضحة لما تسعى إلى تحقيقه، وستكثر الاجتهادات التي قد لا تعكس مفهوم المواطنة كما أطّره المتخصصون، ما يصعِّب علينا الوصول إلى الأهداف الموضوعة.
- بناء المواطنة المسؤولة يحتاج إلى قاعدة بحثية لقراءة الوضع القائم والكشف عن التصورات الحالية عن المواطنة لدى شرائح مختلفة من أبناء المجتمع ومسؤوليه، فذلك يساعدنا على تحديد جوانب الضعف والقوة التي يمكن أن نركز عليها.
المصدر: موقع مقال
الأستاذ أنس عبد الخالق الراجح