مأساة السوريين في لبنان: بين خيار البقاء في السجن أو المواجهة مع الموت
في تطور مقلق، يواجه السوريون المعتقلون في لبنان خيارات قاسية ومصيرية، حيث يفضلون الاستمرار في الاعتقال على المخاطرة بالعودة إلى بلادهم ومواجهة نظام الأسد. محمد صبلوح، رئيس مركز "سيدار" للدراسات القانونية، يؤكد أن هذه الظروف القاسية تعكس الرعب الذي يعتمل في نفوس المعتقلين من فكرة العودة إلى سوريا، حيث يعتبرون السجون اللبنانية "جنة" بالمقارنة مع "جحيم" السجون السورية.
الوضع يكتسب بُعداً إنسانياً أكثر تعقيداً مع استمرار السلطات اللبنانية في تسليم السجناء السوريين لدمشق، رغم الدعوات الدولية لوقف هذه الإجراءات. تشير رائدة الصلح، الناطقة باسم أهالي السجناء، إلى أن تسليم السجناء لا يسهم في حل أزمة اللجوء السوري في لبنان، التي تتضخم يوماً بعد يوم بوتيرة متسارعة.
وفي تصريحات مقلقة، أوضحت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات اللبنانية تقوم بتعذيب وترحيل السوريين قسراً إلى سوريا، حيث يواجهون خطر التعرض لمزيد من الانتهاكات وربما الموت. وقد أظهرت الأحداث الأخيرة في سجن رومية حيث حاول أربعة سجناء شنق أنفسهم، اليأس العميق الذي يعتري السوريين من فكرة العودة إلى نظام الأسد.
على الصعيد السياسي، تتقاطع الأزمة الإنسانية مع التوترات الجيوسياسية، حيث تهدد الحكومة اللبنانية بفتح منافذها البحرية لتمكين اللاجئين من الوصول إلى أوروبا كوسيلة ضغط لتأمين مزيد من الدعم الأوروبي. وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، يصرح بأن الإجراءات الأوروبية لا تكفي لمواجهة العبء الذي يتحمله لبنان جراء الأزمة السورية.
الوضع المأساوي للسوريين في لبنان يدعو إلى استجابة عاجلة من المجتمع الدولي. يجب على الدول الأوروبية والمنظمات الحقوقية الدولية التدخل لضمان حماية اللاجئين السوريين من العودة القسرية والانتهاكات. من الضروري وضع آليات فعالة لمراقبة وتقييم التزامات لبنان الدولية بحقوق الإنسان، لمنع استمرار استخدام اللاجئين كأدوات للمناورات السياسية. الحل النهائي يجب أن يكون شاملاً ويحترم حقوق الإنسان وكرامة كل فرد، بعيداً عن المصالح السياسية الضيقة.