هي مدافعة .. تضامن وتكاتف لحمايةِ المدافعاتِ وتعزيزِدورِهنّ
منذُ أكثرَ مِنْ سنة تشهدُ منطقةُ الشرقِ الأوسط وشمالِ أفريقيا والعالمِ أيضا، توجّهاً شديدَ العدائيةِ لإستهدافِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ، وذلك منْ خلالِ طردِهن منَ المجالِ العامِ، وإقفالِه أيضا.
تأتي هذه الاستهدافاتُ بأشكالٍ مختلفة، منْ قبيلِ التضيقِ على الجمعياتِ والمجموعاتِ المستقلة، ومنعِها منْ ممارسةِ حقِها في التجمّعِ والتعبيرِ وتقديمِ العونِ والعملِ على تجريمِ الدفاعِ عن حقوقِ الإنسان. فتمَّ منعُ المدافعاتِ مِنَ السفرِ وتوريطُهنَ بقضايا ذاتِ طابعٍ "أمني"بحجةِ محاربةِ الإرهابِ أو تنفيذِ أجنداتٍ خارجية. وتلفيقُ تُهم للمدافعاتٍ يهدفُ إلى تصويرِهن على أنهن نساءٌ سيئاتٌ ويتمُّ تحريضُ المجتمعِ عليهنَ. وهذا لا يصِمُ فقط المدافعاتِ بل يضعُ "حقوقَ الإنسانِ "في مواجهةِ العاداتِ والتقاليدِ ويشيطِنُ خطابَ المدافعات. هذه الاستراتجياتُ تسمحُ لمرتكبي الانتهاكاتِ بالإفلاتِ منَ المحاسبةِ .كما برزَتْ هذه السنةُ أنماطُ انتهاكاتٍ وعراقيلَ ضدَ المدافعاتِ مِنْ قِبَلِ جماعاتٍ مسلحةٍ مِنْ خارجِ إطارِ الدولة منْ قبيلِ إرسالِ تهديداتٍ بالقتلِ والأذى ومحاولاتِ الاغتيال.
هذه الانتهاكاتُ تعرقِلُ عملَ المدافعاتِ على مستوى الفردِ أو المنظمةِ وتؤثرُ عليهنَ بشكلٍ شخصي مِنَ الناحيةِ الجسديةِ والصحيةِ والنفسيةِ والعاطفيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ، وتُلحِقُ الأذى بالحركاتِ الحقوقيةِ والنسويةِ والحركاتِ المُطالِبَةِ بالعدالةِ الإجتماعية.
تستفيدُ السلطاتُ من الثقافةِ الأبويةِ التي تفترضُ انَّ الدورَ الأساسيَ للنساءِ تقليديٌ ومحصورٌ بالبيتِ. فحينَ تتمُ شيطنةُ صورةِ أيِ مدافعةٍ لأنها تعملُ في المجالِ العام، تُنبَذُ المدافعةُ مِنَ المجتمعِ، وعادةً ما يتعرضُ أولئك الذينَ يتضامنونَ معها للمصيرِ نفسِه، ويؤدي ذلك إلى قيامِ نوعٍ منَ الخوفِ والسكوتِ تخوفاً مِنْ مواجهةِ المصيرِ عينِه، خاصةً في ظلِّ غيابِ الحماية ِ. يتركُ ذلكَ أثراً في نوعيةِ الخطابِ، إذ يسيطرُ خطابٌ واحدٌ يجعلُ الانتهاكاتِ أمراً عادياً. وتخفُ الأصواتُ التي تذكِّرُ السلطاتِ والمجتمعَ بأنَّ حقوقَ الإنسانِ غايةٌ لينهَضَ المجتمعُ وتتحسَنُ نوعيةُ الحياةِ فيه!
في منطقتِنا تتبنى السلطاتُ أنماطَ الانتهاكاتِ ضدّ المدافعات وينتقلُ نمطُ الانتهاكاتِ مِنْ مجتمعٍ محلي إلى سياسةٍ حكوميةٍ وواقعٍ إقليمي. فهل هذا هو الشرقُ الأوسطُ وشمالُ افريقيا الذي نريدُ؟ إنَّ الانتهاكاتِ التي تعرْقلُ عملَ المدافعاتِ في المنطقةِ وتحدُّهُ تؤثرُ علينا كلنا. ولهذا علينا أنْ نتضامَنَ ونتكاتَفَ لحمايةِ المدافعاتِ وتعزيزِ دورِهنّ!
2019-01-14
المصدر: التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا